الإحكام في أصول الأحكام

الآمدي - علي بن محمد الآمدي

صفحة جزء
[ ص: 233 ] المسألة العاشرة

اختلفوا في النقض المكسور ، وهو النقض على بعض أوصاف العلة .

>[1] وذلك كما لو قال الشافعي في مسألة بيع الغائب : مبيع مجهول الصفة عند العاقد حال العقد ، فلا يصح بيعه كما لو قال : " بعتك عبدا " .

فقال المعترض : هذا ينتقض بما لو تزوج امرأة لم يرها فإنها مجهولة الصفة عند العاقد لدى العقد ، ومع ذلك فإن النكاح يصح والأكثرون على رده وإبطاله .

وذلك لأن التعليل إنما وقع بكونه مبيعا مجهول الصفة لا بكونه مجهول الصفة فقط ، والمنكوحة ليست مبيعة وإن كانت مجهولة الصفة ، وإبطال التعليل ببعض أوصاف العلة لا يكون إبطالا بجملة العلة .

نعم ، إن بين المعترض أنه لا تأثير للوصف الذي وقع به الاحتراز عن النقص في الحكم لا بانفراده ولا مع ضميمة إلى الوصف الآخر ، فالمستدل بين أمرين : بين أن يبقى مصرا على التعليل بمجموع الوصفين ، وبين أن يترك الكلام على التعليل بالوصف المنقوض .

فإن كان الأول ، فقد بطل التعليل بما علل به لعدم التأثير لا بالنقض .

وإن كان الثاني ، فقد بطل التعليل بالنقض لكونه واردا على كل العلة .

فإن قيل : الوصف المحذوف وإن لم يكن مناسبا ولا له تأثير في إثبات الحكم المعلل لا بانفراده ولا مع ضميمة إلى غيره ، فلا يمتنع أخذه في التعليل لفائدة الاحتراز عن النقض ، وإنما يخرج عن التعليل أن لو تعرى عن الفائدة بالكلية وليست الفائدة منحصرة في المناسبة على ما تقدم .

قلنا : فائدة الاحتراز به متوقفة على كونه من أجزاء العلة ، حتى إنه لو لم يكن من أجزاء العلة لكانت العلة ما وراءه ، والنقض إذ ذاك يكون واردا عليها ، وكونه من أجزاء العلة يتوقف على إمكان الاحتراز به وهو دور ممتنع .

التالي السابق


الخدمات العلمية