المسألة الرابعة عشرة
إذا كانت
العلة في أصل القياس بمعنى الباعث ، كما قررناه ، فشرطها أن يكون ضابط الحكمة المقصودة للشرع من إثبات الحكم أو نفيه بحيث لا يلزم منه
>[1] إثبات الحكم مع تيقن انتفاء الحكمة في صورة ، وإلا كان فيه إثبات الحكم مع انتفاء الحكمة المطلوبة منه يقينا ، وهو ممتنع ، ومثاله ما لو قيل بأن حكمة القصاص إنما هي صيانة النفس المعصومة عن الفوات ، فمن ضبط صيانة النفس عن الفوات بالجرح لا غير ، كما يقوله
أبو حنيفة ، فيلزمه شرع القصاص في حق من جرح ميتا ضرورة وجود الضابط مع تيقن انتفاء الحكمة أو نفي الحكم مع وجود علته وهو ممتنع .
فإن قيل : وإن لزم من ذلك إثبات الحكم في صورة بدون حكمة واحدة .
[ ص: 240 ] وذلك الضابط
>[2] في الأصل المذكور ، وإنما يمتنع الضبط به إن لو لم يكن له سوى حكمة واحدة .
وأما إذا جاز أن يكون الوصف الواحد ضابطا في كل صورة لحكمة ، فانتفاء حكمة إحدى الصورتين عن الأخرى لا يوجب أن يكون ثبوت الحكم في الصورة التي انتفت عنها تلك الحكمة عريا عن الفائدة ، بل يكون ثبوته بالحكمة الخاصة بتلك الصورة ، والضابط لها ولحكمة الحكم في الصورة الأخرى شيء واحد .
قلنا : إذا اتحد الضابط فاختصاصه في كل صورة بحكمة مخالفة للحكمة المختصة به في الصورة الأخرى ، إما أن يكون ذلك لذاته أو لمخصص مختص بتلك الصورة دون الصورة الأخرى .
لا جائز أن يقال بالأول ، وإلا لزم الاشتراك بين الصورتين في الحكمتين ضرورة اتحاد المستلزم لها .
وإن قيل بالثاني ، فما به التخصيص في كل واحدة من الصورتين ولا وجود له في الصورة الأخرى يكون من جملة الضابط ، فالضابط للحكمتين يكون مختلفا ، وإن كان مركبا من الوصف المشترك وما به تخصصت كل صورة من المخصص الزائد .
>[3]