الإحكام في أصول الأحكام

الآمدي - علي بن محمد الآمدي

صفحة جزء
المسألة الرابعة عشرة

إذا كانت العلة في أصل القياس بمعنى الباعث ، كما قررناه ، فشرطها أن يكون ضابط الحكمة المقصودة للشرع من إثبات الحكم أو نفيه بحيث لا يلزم منه >[1] إثبات الحكم مع تيقن انتفاء الحكمة في صورة ، وإلا كان فيه إثبات الحكم مع انتفاء الحكمة المطلوبة منه يقينا ، وهو ممتنع ، ومثاله ما لو قيل بأن حكمة القصاص إنما هي صيانة النفس المعصومة عن الفوات ، فمن ضبط صيانة النفس عن الفوات بالجرح لا غير ، كما يقوله أبو حنيفة ، فيلزمه شرع القصاص في حق من جرح ميتا ضرورة وجود الضابط مع تيقن انتفاء الحكمة أو نفي الحكم مع وجود علته وهو ممتنع .

فإن قيل : وإن لزم من ذلك إثبات الحكم في صورة بدون حكمة واحدة .

[ ص: 240 ] وذلك الضابط >[2] في الأصل المذكور ، وإنما يمتنع الضبط به إن لو لم يكن له سوى حكمة واحدة .

وأما إذا جاز أن يكون الوصف الواحد ضابطا في كل صورة لحكمة ، فانتفاء حكمة إحدى الصورتين عن الأخرى لا يوجب أن يكون ثبوت الحكم في الصورة التي انتفت عنها تلك الحكمة عريا عن الفائدة ، بل يكون ثبوته بالحكمة الخاصة بتلك الصورة ، والضابط لها ولحكمة الحكم في الصورة الأخرى شيء واحد .

قلنا : إذا اتحد الضابط فاختصاصه في كل صورة بحكمة مخالفة للحكمة المختصة به في الصورة الأخرى ، إما أن يكون ذلك لذاته أو لمخصص مختص بتلك الصورة دون الصورة الأخرى .

لا جائز أن يقال بالأول ، وإلا لزم الاشتراك بين الصورتين في الحكمتين ضرورة اتحاد المستلزم لها .

وإن قيل بالثاني ، فما به التخصيص في كل واحدة من الصورتين ولا وجود له في الصورة الأخرى يكون من جملة الضابط ، فالضابط للحكمتين يكون مختلفا ، وإن كان مركبا من الوصف المشترك وما به تخصصت كل صورة من المخصص الزائد .

>[3]

التالي السابق


الخدمات العلمية