[ ص: 247 ] المسألة العشرون
اختلف الشافعية والحنفية في
حكم أصل القياس المنصوص عليه هل هو ثابت بالعلة أو النص ؟
فقالت الشافعية : إنه ثابت بالعلة ، وقالت الحنفية : إنه ثابت بالنص ، محتجين على ذلك بأمور ثلاثة :
الأول : أن الحكم في الأصل مقطوع به ، والعلة المستنبطة منه مظنونة ، والمقطوع به لا يكون ثابتا بالمظنون .
الثاني : أن العلة مستنبطة من حكم الأصل ومتفرعة عليه وتابعة له في الوجود ، فلو كان الحكم ثابتا بها لكان الأصل بما لا ثبوت له دون ثبوته وهو دور .
الثالث : أنه قد يثبت الحكم تعبدا من غير علة ، فلو كان ثابتا بالعلة لما ثبت مع عدمها .
واعلم أن الخلاف في هذه المسألة آيل إلى اختلاف في اللفظ .
وذلك أن قول أصحابنا بأن الحكم ثابت بالعلة ، لا يريدون به أن العلة معرفة له بالنسبة إلينا ضرورة أنها مستنبطة منه وأنها لا تعرف دون معرفته ، وإنما يريدون به أنها الباعثة للشارع على إثبات الحكم في الأصل ، وأنها التي لأجلها أثبت الشارع الحكم ، وأصحاب
أبي حنيفة غير منكرين لذلك .
وحيث قالت الحنفية : إن العلة غير مثبتة للحكم ، لم يريدوا بذلك أنها ليست باعثة ، وإنما أرادوا بذلك أنها غير معرفة لحكم الأصل بالنسبة إلينا .
وأصحابنا غير منكرين ، لذلك فلا خلاف في المعنى بل في اللفظ .