[ ص: 270 ] المسلك الخامس : في إثبات العلة المناسبة والإحالة
>[1] ويشتمل على ثمانية فصول :
الفصل الأول
في
تحقيق معنى المناسب
قال
أبو زيد :
>[2] ( المناسب عبارة عما لو عرض على العقول تلقته بالقبول ) .
وما ذكره ، وإن كان موافقا للوضع اللغوي حيث يقال : هذا الشيء مناسب لهذا الشيء ، أي : ملائم ، غير أن تفسير المناسب بهذا المعنى ، وإن أمكن أن يتحققه الناظر مع نفسه ، فلا طريق للمناظر إلى إثباته على خصمه في مقام النظر ; لإمكان أن يقول الخصم : هذا مما لم يتلقه عقلي بالقبول ، فلا يكون مناسبا بالنسبة إلي وإن تلقاه عقل غيري بالقبول ، فإنه ليس الاحتجاج علي بتلقي عقل غيري له بالقبول أولى من الاحتجاج على غيري بعدم تلقي عقلي له بالقبول .
وعلى هذا بنى
أبو زيد امتناع التمسك في إثبات العلة في مقام النظر بالمناسبة وقران الحكم بها ، وإن لم يمتنع التمسك بذلك في حق الناظر ; لأنه لا يكابر نفسه فيما يقضي به عقله .
والحق في ذلك أن يقال :
المناسب عبارة عن وصف ظاهر منضبط يلزم من ترتيب الحكم على وفقه حصول ما يصلح أن يكون مقصودا من شرع ذلك الحكم .
وسواء كان ذلك الحكم نفيا أو إثباتا ، وسواء كان ذلك المقصود جلب مصلحة أو دفع مفسدة ، وهو أيضا غير خارج عن وضع اللغة لما بينه وبين الحكم من التعلق والارتباط ، وكل ما له تعلق بغيره وارتباط فإنه يصح لغة أن يقال : إنه مناسب له ، ولا يخفى إمكان إثبات مثل ذلك في مقام النظر على الخصم بما لو أعرض عنه الخصم وأصر معه على المنع كان معاندا .