الإحكام في أصول الأحكام

الآمدي - علي بن محمد الآمدي

صفحة جزء
[ ص: 271 ] الفصل الثاني

في تحقيق معنى المقصود المطلوب من شرع الحكم .

المقصود من شرع الحكم إما جلب مصلحة أو دفع مضرة أو مجموع الأمرين بالنسبة إلى العبد ; لتعالي الرب تعالى عن الضرر والانتفاع ، وربما كان ذلك مقصودا للعبد لأنه ملائم له وموافق لنفسه .

ولذلك إذا خير العاقل بين وجود ذلك وعدمه اختار وجوده على عدمه .

وإذا عرف أن المقصود من شرع الحكم إنما هو تحصيل المصلحة أو دفع المضرة ، فذلك إما أن يكون في الدنيا أو في الآخرة ، فإن كان في الدنيا فشرع الحكم إما أن يكون مفضيا إلى تحصيل أصل المقصود ابتداء أو دواما أو تكميلا .

فالأول : مثل القضاء بصحة التصرف الصادر من الأهل في المحل تحصيلا لأصل المقصود المتعلق به من الملك أو المنفعة ، كما في البيع والإجارة ونحوهما .

وأما الثاني : فكالقضاء بتحريم القتل وإيجاب القصاص على من قتل عمدا عدوانا لإفضائه إلى دوام المصلحة المتعلقة بالنفس الإنسانية المعصومة .

وأما الثالث : فكالحكم باشتراط الشهادة ومهر المثل في النكاح ، فإنه مكمل لمصلحة النكاح لا أنه محصل لأصلها لحصولها بنفس اعتبار التصرف وصحته .

وأما في الأخرى فالمقصود العائد إليها من شرع الحكم لا يخرج عن جلب الثواب ودفع العقاب .

فالأول : كالحكم بإيجاب الطاعات وأفعال العبادات لإفضائه إلى نيل الثواب ورفع الدرجات .

والثاني : فكالحكم بتحريم أفعال المعاصي وشرع الزواجر عليها دفعا لمحذور العقاب المرتب عليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية