[ ص: 182 ] المسألة الرابعة
اتفق أهل الحق من المسلمين على أن
الإثم محطوط عن المجتهدين في الأحكام الشرعية .
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15211بشر المريسي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13382وابن علية ،
nindex.php?page=showalam&ids=13719وأبو بكر الأصم >[1] ، ونفاة القياس
كالظاهرية والإمامية إلى أنه ما من مسألة إلا والحق فيها متعين وعليه دليل قاطع ، فمن أخطأه فهو آثم غير كافر ولا فاسق .
وحجة أهل الحق في ذلك ما نقل نقلا متواترا لا يدخله ريبة ولا شك ، وعلم علما ضروريا من اختلاف الصحابة فيما بينهم في المسائل الفقهية كما بيناه فيما تقدم مع استمرارهم على الاختلاف إلى انقراض عصرهم ، ولم يصدر من أحد منهم نكير ولا تأثيم لأحد ، لا على سبيل الإبهام ولا التعيين ، مع علمنا بأنه لو خالف أحد في وجوب العبادات الخمس وتحريم الزنا والقتل لبادروا إلى تخطئته وتأثيمه . فلو كانت المسائل الاجتهادية نازلة منزلة هذه المسائل في كونها قطعية ومأثوما على المخالفة فيها ; لبالغوا في الإنكار والتأثيم حسب مبالغتهم في الإنكار على من خالف في وجوب العبادات الخمس وفي تأثيمه ; لاستحالة تواطئهم على الخطإ ، ودلالة النصوص النازلة منزلة التواتر على عصمتهم عنه ، كما سبق تقريره في مسائل الإجماع .
فإن قيل : فقد وقع الإنكار من بعضهم على بعض في العمل بالرأي والاجتهاد في المسائل الفقهية كما ذكرناه في إثبات القياس على منكريه ، ومع الإنكار فلا إجماع .
وإن سلمنا عدم نقل إنكارهم لذلك فيحتمل أنهم أنكروا ولم ينقل إلينا ، وبتقدير عدم صدور الإنكار منهم ظاهرا فيحتمل أنهم أضمروا الإنكار والتأثيم تقية وخوفا من ثوران فتنة وهجوم آفة .
قلنا : أما السؤال الأول فقد أجبنا عنه فيما تقدم .
وأما الثاني : فهو خلاف مقتضى العادة ، فإنه لو وجد الإنكار لتوفرت الدواعي على نقله واستحال في العادة كتمانه ، كما نقل عنهم الإنكار على الخوارج ومانعي الزكاة وغير ذلك ، وبمثل هذا يندفع أيضا ما ذكروه من السؤال الثالث .