إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

صفحة جزء
130 - مناقب المنذر أشج عبد القيس رضي الله عنه .

[ 6913 / 1 ] عن هود العصري، عن جده قال: "بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه إذ قال: يطلع عليكم من هذا الفج ركب من خير أهل المشرق، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتوجه في ذلك الوجه فلقي ثلاثة عشر راكبا، فرحب وقرب، وقال: من القوم؟ قالوا: قوم من عبد القيس، قال: فما أقدمكم هذه البلاد؟ التجارة؟ قالوا: لا، قال: فتبيعون سيوفكم هذه؟ قالوا: لا، قال: فلعلكم إنما قدمتم في طلب هذا الرجل؟ قالوا: أجل، فمشى معهم يحدثهم حتى نظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم: هذا صاحبكم الذي تطلبون، فرمى القوم بأنفسهم عن رحالهم، فمنهم من سعى سعيا، ومنهم من هرول هرولة، ومنهم [ ص: 304 ] من مشى، حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا بيده يقبلونها، وقعدوا إليه، وبقي الأشج وهو أصغر القوم، فأناخ الإبل وعقلها، وجمع متاع القوم، ثم أقبل يمشي على تؤدة حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيده، فقبلها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله، قال: وما هما يا نبي الله؟ قال: الأناة والتؤدة، قال: أجبلا جبلت عليه، أو تخلقا مني؟ قال: بل جبلا، فقال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحب الله ورسوله.

وأقبل القوم قبل تمرات يأكلونها، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يسمي لهم: هذا كذا وهذا كذا، قالوا: أجل يا رسول الله، ما نحن بأعلم بأسمائها منك، قال: أجل، فقالوا لرجل منهم: أطعمنا من بقية الذي بقي في نوطك، فقام فأتاه بالبرني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هذا البرني، أما إنه من خير تمراتكم إنما هو دواء لا داء فيه".


رواه أبو يعلى الموصلي .

[ 6913 / 2 ] وفي رواية له عن الأشج العصري: "أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم في رفقة من عبد القيس؛ ليزوروه، فأقبلوا، فلما قدموا رفع لهم النبي صلى الله عليه وسلم فأناخوا ركابهم، وابتدر القوم، ولم يلبسوا إلا ثياب سفرهم، وأقام العصري، فعقل ركاب أصحابه وبعيره، ثم أخرج ثيابه من عيبته، وذلك بعين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن فيك لخلقين يحبهما الله - عز وجل - ورسوله، قال: ما هما يا رسول الله؟ قال: الأناة والحلم، قال: شيء جبلت عليه أو شيء أتخلقه؟ قال بل جبلت عليه، قال: الحمد لله.

قال: معشر عبد القيس، ما لي أرى وجوهكم قد تغيرت؟ قالوا: يا نبي الله، نحن بأرض وخمة، وكنا نتخذ من هذه الأنبذة ما يقطع اللحمان في بطوننا، فلما نهينا عن الظروف فذلك الذي ترى في وجوهنا.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الظروف لا تحل ولا تحرم، ولكن كل مسكر حرام، وليس أن تجلسوا فتشربوا حتى إذا ثملت العروق تفاخرتم، فوثب الرجل على ابن عمه فضربه بالسيف، فتركه أعرج.

قال: وهو يومئذ في القوم الأعرج الذي أصابه".


رواه ابن حبان في صحيحه، عن أبي يعلى، وتقدم في الأشربة.

التالي السابق


الخدمات العلمية