صفحة جزء
[ 1412 ] سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت أبا القاسم الإسكندراني يقول : سمعت أبا جعفر الملطي يقول : عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد في قوله عز وجل : ( واتخذ الله إبراهيم خليلا ) .

قال : " أظهر اسم الخلة لإبراهيم صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الخليل ظاهر في المعنى ، وأخفى اسم المحبة لمحمد صلى الله عليه وسلم لتمام حاله إذ لا يحب الحبيب إظهار حال حبيبه بل يحب إخفاءه وستره لئلا يطلع عليه أحد سواه ، ولا يدخل أحد بينهما ، فقال لنبيه وصفيه محمد صلى الله عليه وسلم لما أظهر له حال المحبة . ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) .

أي ليس الطريق إلى محبة الله إلا اتباع حبيبه ، ولا يتوسل إلى الحبيب بشيء أحسن من متابعة حبيبه وطلب رضاه " [ ص: 80 ] .

قال أبو عبد الرحمن السلمي : الحبيب يوجب لمتبعه اسم المحبة لذلك لم يوقع عليه هذا الاسم ، فإن حاله أجل من أن يعبر عنه بالمحبة ؛ لأن متبعيه استحقوا هذا الاسم بمتابعته ألا ترى الله عز وجل يقول : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) .

والخليل لا يوجب اتباعه الخلة لذلك أطلق له اسم الخلة .

قال : والحبيب يقسم به كقوله : ( لعمرك ) ، والخليل يقسم باسمه كقوله : ( وتالله لأكيدن أصنامكم ) .

والحبيب يبدأ بالعطاء من غير سؤال كقوله : ( ألم نشرح لك صدرك ) . والخليل يسأل كقوله : ( رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ) .

والحبيب يجاب إلى مراده من غير سؤال كقوله : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها ) . والخليل ربما لا يجاب ألا تراه قال : ( ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) .

والحبيب شافع ألا تراه كيف يحكي عن ربه حين يقول له : " ارفع رأسك وسل تعطه واشفع تشفع " ، والخليل مشفوع فيه ألا تراه في القيامة إذا التجأ إليه الخلق كيف يقول : " لست لها " .

والحبيب أزيل عنه بديهة الروعة من المشهد الأعلى بما أكرم من المعراج لما هيئ من مقام الشفاعة فلم يرعه شيء لما تقدم من مشاهده ، فتفرغ للشفاعة لأهل الجمع عامة ثم لأمته خاصة فقال : أمتي أمتي والخليل لم يزل عنه ذلك فرجع في وقت تنفس جهنم وزفيرها إلى قوله : " نفسي نفسي " .

[ ص: 81 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية