[ 1508 ] أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14070أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا
أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ح .
وأخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15013أبو الحسين بن الفضل القطان ، حدثنا
أبو سهل بن زياد ، قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14087إسحاق بن الحسن الحربي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16577عفان حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابت البناني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=694401 " ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، والرجل يحب الرجل لا يحبه إلا لله ، والرجل أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع يهوديا أو نصرانيا " [ ص: 168 ]
أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الصحيح من وجه آخر ، عن
حماد .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي رحمه الله : " فأبان صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر أن الشح بالدين من الإيمان ؛ لأنه ذكر الحلاوة مثل الإيمان ، وأراد أن الشحيح بدينه كالمتطعم بالشيء الحلو ، فكما أن الراغب في الحلو لا يجد حلاوته فيلتذ بها إلا بتطعمه كذلك الراغب في الإيمان لا يسلم له مقصوده منه إلا وأن يكون شحيحا به ، فإنه إذا شح بالإيمان لم يأت بما يفسده عليه كما أن من وجد حلاوة الحلو لم يأت بما يبطلها عليه - والله أعلم .
ويدخل في هذا الباب ما اقتصه الله سبحانه وتعالى علينا من خبر
شعيب النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال له قومه : (
لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا ) .
فقال لهم : (
أولو كنا كارهين قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد ) . . . إلى آخر الآية ، فإن في هذا الحديث عدة معان مرجعها كلها إلى الشح بالدين .
أحدها : أن
شعيبا صلى الله عليه وسلم سمى مباينة المشركين من قومه نجاة ، وقد علم أن ضد النجاة الهلكة ، ومن كان عنده أن الكفر هلكة ، والإيمان نجاة لم يكن إلا شحيحا على دينه ، والثاني : فإنه
أشار بقوله : على الله توكلنا إلى أنه قد فوض أمره إلى الله تعالى ، فإن
[ ص: 169 ] عصمه من الجلاء عن الوطن فذلك فضله ، وإن خلاهم وما يهمون به من إخراجهم فالجلاء أحب إليه من مفارقة الدين ، وهذا من الشح بالدين ؛ لأن الله تعالى جعل الجلاء عن الوطن قرينة القتل .
والثالث :
أن شعيبا صلى الله عليه وسلم فزع إلى الله واستنصره ودعاه كما يدعى في الشدائد إذا عرضت ، والخطوب إذا نزلت فقال : (
ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ) .
استعظاما منه لما كان يخاطب به ، وتأميلا أن يدفع الله عنه أذية الكفار فلا يسمعوه في دينه ما يشق عليه سماعه ، وهذا أيضا من الشح بالدين ، ومعلوم أن الله تعالى : إنما يقتص علينا هذا ، ومثله لنتأدب بآداب الذين يصف لنا سيرهم ثم يمدحها ، ونباين مذاهب الذين يصف لنا طرائقهم ، ثم يذمها ونتبع الأحسن من الوجهين دون الأقبح منهما ، كما قال عز وجل : (
فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) الآية .
فصح أن الشح بالدين من أركان الدين ، لا يجد حلاوة الدين من لا يجد الشح به في قلبه ، والله أعلم .
وهذا هو الأمر الذي يشهد العقل بصحته ؛ لأن من اعتقد دينا ، ثم لم يكن في نهاية الشح به ، والإشفاق عليه كان ذلك دلالة على أنه لا يعرف قدره ، ولا يتبين موضع الحظ لنفسه فيه ، ومن كان الحق عنده حقيرا لم يسكن الحق قلبه . وبالله العصمة .
ثم إن الشح بالدين ينقسم قسمين :
أحدهما : الشح بأصله كيلا يذهب ، والآخر الشح بكماله كيلا ينقص ، ألا ترى أن الله تعالى كما مدح
شعيبا صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه بأنه شح على دينه ، فلم يفارقه مع استكراه قومه إياه على مفارقته ، فكذلك مدح
يوسف صلى الله عليه وسلم بأن استعصم حين راودته امرأة العزيز عن نفسه : (
قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ) .
[ ص: 170 ] فبان أن الشح على شعب الإيمان كيلا تنقص كالشح على أصله كيلا يذهب ، وهذا سبيل كل مضمون به ؛ لأن الشحيح بماله ، كما يشح بجماعه ، يشح بأبعاضه ، والشحيح بنفسه يشح بأطرافه ، كما يشح بجملة بدنه ، فهكذا الدين ، وبالله التوفيق .
ومن الشح على الدين أن المؤمن إذا كان بين قوم لا يستطيع أن يوفي الدين حقوقه بين ظهرانيهم ، ويخشى أن يفتنوه عن دينه ، وكان إذا فارقهم يجد لنفسه مأمنا يتبوأ ، ويكون فيه أحسن حالا منه بين هؤلاء لم يقم بين ظهرانيهم ، وهاجر إلى حيث يعلم أنه خير له وأوفق ، قال الله تعالى : (
ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ) .
وعلى هذا الوجه كانت هجرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ديار الكفر ، وليلقوه ويصحبوه ويهاجروا معه . ثم هذا الحكم فيمن لم يمكن إظهار دينه في موضعه باق بعده ، وقد تكلمنا على هذه المسألة في كتاب السير من كتاب السنن .
وروينا في " كتاب دلائل النبوة " ، ما قاسى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشدائد والمكاره بمجاورة الكفار حتى أمروا بالهجرة إلى أرض
الحبشة ، ثم إلى
المدينة ، والله يوفقنا لمتابعة سلفنا فنعم السلف كانوا لنا رضي الله عنهم " .