[ 277 ] حدثنا
الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان ، أخبرنا
أبو عبد الله محمد بن [ ص: 444 ] يزيد الجوزي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14451زكريا بن يحيى الساجي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15943زيد بن أخزم الطائي ، حدثنا
عامر بن مدرك ، حدثنا
عتبة بن يقظان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=934051قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أحسن من محسن كافر أو مسلم إلا أثابه الله عز وجل " .
قلنا : يا رسول الله ، وما إثابة الله الكافر ؟ قال : " إن كان وصل رحما ، أو تصدق بصدقة ، أو عمل حسنة أثابه الله تعالى ، وإثابته إياه المال ، والولد ، والصحة ، وأشباه ذلك " . قال : قلنا : وما إثابته في الآخرة ؟ قال : " عذاب دون العذاب " ، وقرأ : ( أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي رحمه الله : " وهذا إن ثبت ففيه الحجة ، وإن لم يثبت ؛ لأن في إسناده من لا يحتج به .
وحديث
أبي طالب صحيح ، ولا معنى لإنكار
nindex.php?page=showalam&ids=14164الحليمي رحمه الله الحديث ، ولا أدري كيف ذهب عنه صحة ذلك ، فقد روي من أوجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير ،
[ ص: 445 ] وروي من وجه آخر صحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه .
وقد أخرجه صاحبا الصحيح وغيرهما من الأئمة في كتبهم الصحاح ، وإنما يصح لمن ذهب المذهب الثاني في خيرات الكافر أن يقول : حديث أبي طالب خاص في التخفيف عن عذابه بما صنع إلى النبي صلى الله عليه وسلم خص به
أبو طالب لأجل النبي صلى الله عليه وسلم تطييبا لقلبه ، وثوابا له في نفسه لا لأبي طالب ، فإن حسنات أبي طالب صارت بموته ، على كفره هباء منثورا .
ومثل هذا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير في إعتاق
أبي لهب
ثويبة وإرضاعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما مات
أبو لهب أريه بعض أهله في النوم بشر خيبة فقال له : ماذا لقيت ؟ فقال
أبو لهب : لم ير بعدكم رخاء غير أني سقيت في هذه مني بعتاقتي
ثويبة ، وأشار إلى النقيرة التي بين الإبهام ، والتي تليها .
وهذا أيضا ؛ لأن الإحسان كان مرجعه إلى صاحب النبوة فلم يضيع والله أعلم . وأما المؤمنون الذين يحاسبون فإن أعمالهم توزن وهم فريقان : أحدهما المؤمنون المتقون لكبائر الذنوب فهؤلاء توضع حسناتهم في الكفة النيرة ، وصغائرهم - إن كانت لهم في الكفة الأخرى ، فلا يجعل الله لتلك الصغائر وزنا ، وتثقل الكفة النيرة ، وترتفع الكفة الأخرى ارتفاع الفارغ الخالي " ، فيؤمر بهم إلى الجنة ، ويثاب كل واحد منهم على قدر حسناته وطاعاته ، كما تلونا في الآيات التي ذكرناها في الموازين
[ ص: 446 ]
والآخر : المؤمنون المخطئون ، وهم الذين يوافون القيامة بالكبائر ، والفواحش غير أنهم لم يشركوا بالله شيئا ، فحسناتهم توضع في الكفة النيرة ، وآثامهم وسيئاتهم في الكفة المظلمة ، فيكون يومئذ لكبائرهم التي جاؤوا بها ثقل ، ولحسناتهم ثقل إلا أن الحسنات تكون بكل حال أثقل ؛ لأن معها أصل الإيمان ، وليس مع السيئات كفر ، ويستحيل وجود الإيمان والكفر معا لشخص واحد ، ولأن الحسنات لم يرد بها إلا وجه الله تعالى ، والسيئات لم يقصد بها مخالفة الله وعناده بل كان تعاطيها لداعية الهوى ، وعلى خوف من الله عز وجل ، وإشفاق من غضبه ، فاستحال أن توازي السيئات - وإن كثرت - حسنات المؤمن ، ولكنها عند الوزن لا تخلو من تثقيل ويقع بها الميزان ، حتى يكون ثقلها كبعض ثقل الحسنات ، فيجري أمر هؤلاء على ما ورد به الكتاب جملة ، ودلت سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم على تفصيلها ، وهو قوله عز وجل : (
إن الله يغفر الذنوب جميعا ) .
وقوله : (
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) . فيغفر لمن يشاء بفضله ، ويشفع فيمن شاء منهم بإذنه ، ويعذب من شاء منهم بمقدار ذنبه ، ثم يخرجه من النار إلى الجنة برحمته كما ورد به خبر الصادق .
وقد دل الكتاب على وزن أعمال المخلطين من المؤمنين ، وهو قوله عز وجل : (
ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ، وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها ، وكفى بنا حاسبين ) وإنما أراد - والله أعلم - أنه لا يترك له حسنة إلا توزن ، وهذا بالمؤمن المخلط أليق ؛ لأنه لو تركت له حسنة ، لم توزن ، لزاد ذلك في ثقل سيئاته ، فأوجب ذلك زيادة في عذابه .
فأما أن
الوزن كيف يكون ؟ ففيه وجهان :
أحدهما : أن صحف الحسنات توضع في الكفة النيرة ، وصحف السيئات في الكفة المظلمة ؛ لأن الأعمال لا تنسخ في صحيفة واحدة ، ولا كاتبها يكون واحدا ، لكن
[ ص: 447 ] الملك الذي يكون عن اليمين ، يكتب الحسنات ، والملك الذي يكون على الشمال يكتب السيئات ، فيتفرد كل واحد منهما بما ينسخ ، فإذا جاء وقت الوزن ، وضعت الصحف في الموازين ، فيثقل الله عز وجل ما يحق تثقيله ، ويخفف ما يحق تخفيفه .
والوجه الآخر : يجوز أن يحدث الله تبارك وتعالى أجساما مقدرة بعدد الحسنات والسيئات ، ويميز إحداهما عن الأخرى بصفات تعرف بها فتوزن ، كما توزن الأجسام بعضها ببعض في الدنيا ، والله أعلم ، ويعتبر في وزن الأعمال مواقعها من رضا الله عز وجل وسخطه .
وذهب أهل التفسير إلى إثبات هذا الميزان بكفتيه ، وجاء في الأخبار ما دل عليه " .
وقد روى
الكلبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12044أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال :
" الميزان له لسان وكفتان ، يوزن فيه الحسنات ، والسيئات ، فيؤتى بالحسنات في أحسن صورة فتوضع في كفة الميزان فتثقل على السيئات ، قال : " فيؤخذ فيوضع في الجنة عند منازله ثم يقال للمؤمن : الحق بعملك . قال : فينطلق إلى الجنة فيعرف منازله بعمله ، قال : " ويؤتى بالسيئات في أقبح صورة ، فتوضع في كفة الميزان فتخفف ، والباطل خفيف - فيطرح في جهنم إلى منازله منها ويقال له : الحق بعملك إلى النار ، قال : " فيأتي النار فيعرف منازله بعمله ، وما أعد الله فيها من ألوان العذاب ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : فلهم أعرف بمنازلهم في الجنة والنار بعملهم من القوم فينصرفون يوم الجمع راجعين إلى منازلهم .
[ 278 ] أخبرناه
أبو عبد الرحمن الدهان ، أخبرنا
الحسين بن محمد بن هارون ، حدثنا
أحمد بن محمد بن نصر ، حدثنا
يوسف بن بلال ، حدثنا
محمد بن مروان ، عن
الكلبي ، فذكره .
[ ص: 448 ]