صفحة جزء
فصل "في ليلة القدر " .

قال الله عز وجل : بسم الله الرحمن الرحيم : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) إلى آخر السورة .

قال الحليمي رحمه الله : ومعنى ليلة القدر الليلة التي يقدر الله تعالى لملائكته جميع ما ينبغي أن يجري على أيديهم من تدبير بني آدم : محياهم ومماتهم إلى ليلة القدر من السنة القابلة ، وكان يدخل في هذه الجملة أيام حياة النبي صلى الله عليه وسلم أن يقدر فيها ما هو [ ص: 253 ] منزله من القرآن إلى مثلها من العام القابل . وإنما قيل "ليلة القدر " - بتسكين الدال - لأنه لم يرد به ليلة القضاء ، فإن القضاء سابق ، وإنما أريد به تفصيل ما قد جرى به القضاء وتجديده ليكون ما يلقى إلى الملائكة في السنة مقدرا بمقدار يحصره علمهم .

وقال الله عز وجل في وصف هذه الليلة : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) .

أي مباركة فيها لأولياء الله ، فإنما جعلت خيرا من ألف شهر إذا أحيوها وقدروها ، وقطعوها بالصلاة وقراءة القرآن والذكر دون اللغو واللهو . ثم قال : ( إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم ) .

أي كل أمر مبني على السداد والحكمة . "حكيم " بمعنى محكم .

وقيل معناه : "يفرق كل أمر حكيم " أي يفصل أجزاء القرآن ويفرق ، فيكون ذلك الفصل وذلك الفرق أمرا حكيما .

وقيل أيضا "ليلة القدر " لتقدير ما ينزل من القرآن فيها إلى مثلها من السنة القابلة فقط ، فأما سائر الأمور التي تجري على أيدي الملائكة من تدبير أهل الأرض فإنما تبين ليلة النصف من شعبان .

[ 3386 ] أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ ، أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي ، حدثنا أبو الربيع ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن منصور ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) [ ص: 254 ]

قال : أنزل الله عز وجل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ، فكان بموقع النجوم وكان الله ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في أثر بعض ثم قرأ : ( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ) .

[ 3387 ] وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب ، أخبرنا جعفر بن عون ، أخبرنا سفيان الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله عز وجل : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) قال : في ليلة الحكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية