صفحة جزء
[ 3703 ] وأخبرنا أبو ذر بن أبي الحسين بن أبي القاسم المذكر وأبو الحسن علي بن محمد المقرئ قالا حدثنا الحسن بن محمد بن إسحاق المهرجاني ، أخبرنا محمد بن أحمد بن [ ص: 451 ] البراء ، حدثنا عبد المنعم بن إدريس ، حدثني أبي ، عن جده - أبي أمه وهب بن منبه اليماني - قال : لما تاب الله على آدم ، وأمره أن يسير إلى مكة ، فطوى له الأرض حتى انتهى إلى مكة ، فلقيته الملائكة بالأبطح ، فرحبت به ، وقالت له : يا آدم إنا لننتظرك بر حجك ، أما إنا قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام .

وأمر الله جبريل عليه السلام فعلمه المناسك والمشاعر كلها ، وانطلق به حتى أوقفه في عرفات والمزدلفة وبمنى وعلى الجمار ، وأنزل عليه الصلاة والزكاة والصوم والاغتسال من الجنابة .

وذكر وهب أن البيت كان على عهد آدم عليه السلام ياقوتة حمراء ، يلتهب نورا من ياقوت الجنة ، لها بابان شرقي وغربي من ذهب من تبر الجنة ، وكان فيها ثلاث قناديل من تبر الجنة ، فيها نور يلتهب بابها ، منظوم بنجوم من ياقوت أبيض ، والركن يومئذ نجم من نجومها ياقوتة بيضاء . فلم يزل على ذلك حتى كان في زمان نوح عليه السلام .

وقال في موضع آخر : إن خيمة آدم - وهي الياقوتة - لم تزل في مكانها حتى قبض الله آدم ، ثم رفعها إليه ، وبنى بنو آدم في موضعها بيتا من الطين والحجارة ، فلما يزل معمورا حتى زمن الغرق ، فرفع من الغرق ، فوضع تحت العرش ، ومكثت الأرض خرابا ألفي سنة ، فلم يزل على ذلك ، حتى كان زمن إبراهيم عليه السلام ، فأمره أن يبني بيته فجاءت السكينة إبراهيم عليه السلام كأنها سحابة ، فيها رأس يتكلم ، لها وجه كوجه الإنسان ، فقال يا إبراهيم ، خذ قدر ظلي فابن عليه ، لا تزد شيئا ، ولا تنقص . فأخذ إبراهيم قدر ظلها ، ثم بنى هو وإسماعيل البيت ، ولم يجعل له سقفا ، فكان الناس يلقون فيه الحلي والمتاع ، حتى إذا كاد أن يمتلئ اتعد له خمس نفر ليسرقوا ما فيه ، فقام كل واحد على زاوية ، وانقحم الخامس فسقط على رأسه فهلك ، وبعث الله عند ذلك حية بيضاء ، سوداء الرأس والذنب ، حرست البيت خمسمائة عام ، لا يقربه أحد إلا أهلكته ، فلم يزل كذلك حتى بنته قريش .

قال : وذكر عن عطاء ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، سأل كعبا ، فقال : [ ص: 452 ] أخبرني عن هذا البيت ، ما كان أمره ؟ فقال : إن هذا البيت أنزله الله من السماء ياقوتة مجوفة مع آدم عليه السلام ، فقال : يا آدم إن هذا بيتي ، فطف حوله ، وصل حوله ، كما رأيت ملائكتي تطوف حول عرشي ، وتصلي ، ونزلت معه الملائكة ، فرفعوا قواعده من حجارة ، ثم وضع البيت على القواعد ، فلما غرق الله قوم نوح رفعه الله ، وبقيت قواعده .

وذكر وهب أنه قرأ كتابا من الكتب الأولى وجد فيه ذكر أمر الكعبة فذكر أنه ليس من ملك يبعثه الله إلى الأرض إلا أمر بزيارة البيت ، فينقض من عند العرش محرما يلبي حتى يستلم الحجر ، ثم يطوف بالبيت أسبوعا ، ثم يدخل البيت ، فيركع في جوفه ركعتين ثم يصعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية