1. الرئيسية
  2. الجامع لشعب الإيمان
  3. الثاني والخمسون من شعب الإيمان وهو باب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
صفحة جزء
[ 7152 ] أخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب ، أخبرنا أبو حاتم الرازي ، حدثنا داود الجعفري ، حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن حذيفة بن اليمان ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " والذي نفسي بيده ، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ، ثم تدعونه فلا يستجيب لكم " .

قال الإمام أحمد رحمه الله : فثبت بالكتاب والسنة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ثم إن الله - تعالى - جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فرق ما بين المؤمنين والمنافقين ؛ لأنه قال : ( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ) .

وقال : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) .

فثبت بذلك أن أخص أوصاف المؤمنين وأقواها دلالة على صحة عقدهم ، وسلامة سريرتهم ، هو الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ثم إن ذلك ليس يليق بكل أحد ، ولا يجب على كل أحد ، وإنما هو من الفروض التي ينبغي أن يقوم بها سلطان المسلمين ، إذا كانت إقامة الحدود إليه ، والتعزيز موكولا إلى رأيه ، فينصب في كل بلد ، وفي كل قرية رجلا صالحا قويا عالما أمينا ، ويأمره بمراعاة الأحوال التي تجري ، فلا [ ص: 55 ] يرى ولا يسمع منكرا إلا غيره ، ولا يبقي معروفا محتاجا إلى الأمر به إلا أمره ، وكلما وجب على فاسق حد أقامه ولم يعطله ، فإنه لا شيء أردع للمفسدين من إقامة حدود الله عليهم ، ولا يتعدى المشروع ، فالذي شرعه أعلم بطريق سياستهم .

قال : وكل من كان من علماء المسلمين الذين يجمعون من أفضل العلم ، وصلاح العمل ، فعليه أن يدعو إلى المعروف ويزجر عن المنكر ، بمقدار طاقته ، فإن كان يطيق إبطال المنكر ورفعه وردع المتعاطي له عن فعله ، وإن كان لا يطيق ذلك بنفسه ، ويطيقه بمن يستعين عليه فعله ، إلا ما كان طريقه طريق الحدود والعقوبة ، فإن ذلك إلى السلطان دون غيره ، وإن كان لا يطيق إلا القول قال ، وإن لم يطق إلا الإنكار بالقلب أنكر ، والأمر بالمعروف ، في مثل النهي عن المنكر ، إن اتسع للعالم المصلح أن يدعو إليه ، ويأمر به فعل ، وإن لم يقدر إلا على القول ، قال : وإن لم يقدر إلا على الإرادة بقلبه أراده ، وتمنى على الله - عز وجل - فلعله أن يستعيضه به .

التالي السابق


الخدمات العلمية