صفحة جزء
(11) الحادي عشر من شعب الإيمان " وهو باب في الخوف من الله تعالى "

قال الله تعالى : ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ) .

وقال ( فلا تخشوا الناس واخشون ) .

وقال : ( وإياي فارهبون ) .

وقال : ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ) .

وأثنى على ملائكته لخوفهم منه فقال : ( وهم من خشيته مشفقون ) .

ومدح أنبياءه عليهم السلام ، وأولياءه بمثل ذلك فقال : ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ، ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) .

وقال : ( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ) .

وعاتب الكفار على غفلتهم ، فقال : ( ما لكم لا ترجون لله وقارا ) .

فقيل في التفسير : ما لكم لا تخافون عظمة الله ؟ .

وذمهم في آية أخرى ، فقال : ( وقال : الذين لا يرجون لقاءنا ) .

فقيل أراد به : لا يخافون [ ص: 190 ]

فدل جميع ما وصفناه على أن الخوف من الله تعالى من تمام الاعتراف بملكه وسلطانه ونفاذ مشيئته في خلقه , وأن إغفال ذلك إغفال العبودية إذ كان من حق كل عبد ومملوك أن يكون راهبا لمولاه لثبوت يد المولى عليه , وعجز العبد عن مقاومته وترك الانقياد له .

قال الحليمي رحمه الله والخوف على وجوه :

أحدها : ما يحدث من معرفة العبد بذلة نفسه وهوانها وقصورها , وعجزها عن الامتناع عن الله - تعالى جده - إن أراده بسوء وهذا نظير خوف الولد والديه , وخوف الناس سلطانهم وإن كان عادلا محسنا , وخوف المماليك ملاكهم .

والثاني : ما يحدث من المحبة , وهو أن يكون العبد في عامة الأوقات وجلا من أن يكله إلى نفسه , ويمنعه مواد التوفيق , ويقطع دونه الأسباب . وهذا خلق كل مملوك أحسن إليه سيده , فعرف قدر إحسانه فأحبه , فإنه لا يزال يشفق على منزلته عنده خائفا من السقوط عنها والفقد لها .

والثالث : ما يحدث من الوعيد . وقد نبه الكتاب على هذه الأنواع كلها .

أما الأول فقوله تعالى : ( ما لكم لا ترجون لله وقارا ) .

أي لا تخافون لله عظمة .

قال البيهقي رحمه الله : هكذا فسره الكلبي فيما رواه ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس .

التالي السابق


الخدمات العلمية