وإنما قال : " فالظاهر " ; لأنه يجوز أن يكون حمله عليه باجتهاده ، فحينئذ يجوز للمجتهد أن يخالف بالاجتهاد .
[ ص: 751 ] وإن كان الخبر ظاهرا وحمله الراوي على غير الظاهر ، فالأكثر على أنه يحمل على الظهور ، ولا يحمل على ما حمله الراوي عليه من التأويل . وفي مثل هذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه - : " كيف أترك الحديث لقول من لو عاصرته لحججته " .
ومن قال : إنه يحمل على ما حمله الراوي عليه ، احتج بأنه لو لم يجد الراوي دليلا راجحا لكان حمله على غير الظاهر قادحا في عدالته .
أجيب بأنه يجوز أن يكون الدليل راجحا باجتهاده ولم يكن راجحا في نفس الأمر . وإن كان الخبر نصا وعمل الراوي بخلافه ، تعين أن يكون ذلك الخبر منسوخا عند الراوي ، وإلا لما عمل الراوي بخلافه .
وفي جواز العمل بهذا النص نظر ; لأن النص أقوى من الظاهر ، والظاهر لا يكون متروكا عند الأكثر إذا ترك الراوي العمل به ، فالنص أولى أن لا يترك .
فإن قيل : لا نسلم أن النص أولى بأن لا يترك ، وذلك لأن النص دلالته قطعية لا يحتمل غير معناه ، فلا يكون ترك الراوي إياه للاجتهاد ، بل لنص راجح . بخلاف الظاهر فإنه لما احتمل غير معناه ، جاز أن يكون تركه لأجل اجتهاده .
أجيب بأن العمل بالنص أولى لأن المقتضي للعمل به متحقق ، بخلاف عمل الراوي فإنه يجوز أن يكون مخالفته لنص آخر ، ظنه الراوي ناسخا وليس كذلك في نفس الأمر .
[ ص: 752 ] وإذا عمل أكثر الأمة بخلاف خبر الواحد ، فالعمل بخبر الواحد ، لا بعمل أكثر الأمة ، لما علمت أن قول الأكثر لا يكون حجة ، فضلا عن أن يكون راجحا على خبر الواحد ، إلا إذا كان عمل الأكثر عمل أهل المدينة ، فإنه يتعين العمل بعمل أهل المدينة ; لأنه ثبت أن اتفاق أهل المدينة [ إجماع ] والإجماع يقدم على خبر الواحد .