الأول - أن الأمر ورد في الصلاة والصوم وحمل على التكرار فيهما ؛ فلو لم يكن مقتضيا للتكرار لما حمل على التكرار فيهما .
[ ص: 35 ] أجاب بأن تكرار الصلاة والصوم ليس بمستفاد من الأمر ، بل من غيره ، وهو فعل الرسول عليه السلام .
وعورض بأن الأمر ورد في الحج وحمل على المرة ، فلو كان مقتضيا للتكرار لما حمل على المرة .
الثاني - أن النهي مثل قوله " لا تصم " يقتضي التكرار ، فوجب أن يقتضي الأمر مثل ( صم ) التكرار .
والجامع بينهما : الطلب .
ورد هذا الدليل بأنه قياس في اللغة ، وقد مر أن القياس في اللغة غير مفيد .
وبالفرق من وجهين :
الأول - أن النهي يقتضي نفي الفعل ، ونفي الفعل دائما ممكن . والأمر يقتضي الإتيان بالفعل ، والإتيان بالفعل دائما غير ممكن .
الثاني - أن التكرار في النهي يمنع ( عن ) نهي غيره ، بخلاف التكرار في الأمر ; فإنه يمنع عن الأمر بغيره .
الثالث - أن الأمر بالشيء نهي عن ضده ، والنهي عن ضده يقتضي التكرار . فيلزم أن يقتضي الأمر التكرار .
أجاب بأنا لا نسلم أن الأمر بالشيء نهي عن ضده .
[ ص: 36 ] وعلى تقدير التسليم ، لا نسلم أن النهي الضمني يقتضي التكرار ; لأن اقتضاء النهي الضمني التكرار فرع على اقتضاء الأمر التكرار . فلا يستدل بتكرار النهي الضمني على تكرار الأمر ، وإلا كان مصادرة على المطلوب .