ص - لنا : لو كان الأمر نهيا عن الضد أو يتضمنه لم يحصل بدون تعقل الضد والكف عنه ; لأنه مطلوب النهي .
ونحن نقطع بالطلب مع الذهول عنهما .
[ ص: 51 ] واعترض بأن المراد : الضد العام . وتعقله حاصل ; لأنه لو كان عليه لم يطلبه .
وأجيب بأنه طلبه في المستقبل .
ولو سلم فالكف واضح .
ش - احتج المصنف على أن الأمر بالشيء لا يكون نهيا عن ضده ، ولا يقتضيه عقلا بأنه لو كان الأمر بالشيء نهيا عن ضده ، أو مقتضيا للنهي عن ضده بطريق التضمن ، لم يحصل الأمر بدون تعقل الضد ، وتعقل الكف عن الضد .
والتالي باطل .
أما الملازمة فلأن الأمر حينئذ لا يحصل بدون النهي عن ضده ، والنهي عن الضد لا يحصل بدون تعقل الكف عن الضد ; لأن الكف عن الضد مطلوب النهي ، والنهي لا يحصل بدون تصور المطلوب منه ، لامتناع طلب غير المتصور ، وتعقل الكف عن الضد لا يعقل بدون تعقل الضد .
وأما انتفاء التالي - فلأنا نقطع أن الأمر قد يطلب شيئا مع الذهول عن ضده والكف عنه .
واعترض على هذا الدليل بمنع انتفاء التالي ; فإنا لا نسلم تحقق [ ص: 52 ] الطلب مع الذهول عن ضده والكف عنه ، لأن الضد قد يطلق على ما يستلزم فعله ترك المأمور به ، كالأكل والشرب بالنسبة إلى الصلاة .
وقد يطلق على ترك المأمور به .
والأول خاص والثاني عام .
والمراد بالضد ها هنا هو الضد العام .
ويمتنع تحقق الطلب مع الذهول عن الضد العام ; لأن تعقل الضد العام حاصل عند الأمر بالشيء ; لأن الآمر عند الأمر يعلم ترك المأمور به ; لأنه لو علم أن المأمور على الفعل المأمور به لم يأمره ، لامتناع تحصيل الحاصل .
أجاب بأنا لا نسلم أن الآمر لو علم أن المأمور على الفعل لم يأمره .
قوله : لامتناع تحصيل الحاصل .
قلنا : لا نسلم لزوم تحصيل الحاصل .
وإنما يلزم أن لو كان الأمر يطلب به تحصيل الفعل في الحال ، وهو ممنوع ، فإن الأمر يطلب به الفعل في الزمان المستقبل . ولو سلم أن الضد العام معلوم للآمر ، ولكن الكف واضح [ ص: 53 ] أنه غير معلوم له .
ولقائل أن يقول : إن أمر الإيجاب لا يتحقق بدون الكف عن الضد العام ; لأن أمر الإيجاب هو طلب الفعل مع المنع من تركه .