لنا : أن العموم حقيقة في شمول أمر لمتعدد ، وهو في المعاني كعموم المطر والخصب ونحوه .
[ ص: 109 ] وكذلك المعنى الكلي لشموله الجزئيات .
ومن ثمة قيل : العام ما لا يمنع تصوره من الشركة .
فإن قيل : المراد أمر واحد شامل ، وعموم المطر ونحوه ليس كذلك .
قلنا : ليس العموم بهذا الشرط لغة .
وأيضا : فإن ذلك ثابت في عموم الصوت والأمر والنهي والمعنى الكلي .
ش - اتفق العلماء على أن العموم من عوارض الألفاظ حقيقة ، وأما عروضه للمعاني فقد اختلفوا فيه على ثلاثة مذاهب :
الأول : أنه لا يكون من عوارض المعاني ، لا حقيقة ولا مجازا .
والثاني : أنه من عوارض المعاني مجازا لا حقيقة .
وثالثها : وهو الصحيح عند المصنف أنه من عوارض المعاني حقيقة ، وإليه أشار بقوله : " وثالثها الصحيح كذلك " ؛ والدليل عليه أن العموم في اللغة حقيقة هو شمول أمر لمتعدد ، وهذا المعنى كما يعرض للفظ يعرض للمعاني . فكما يكون حقيقة في اللفظ يكون حقيقة في المعنى ، كعموم المطر والخصب ونحوه .
[ ص: 110 ] وكذلك يعرض العموم حقيقة للمعنى الكلي ، لشموله الجزئيات .
ولهذا - أي ولأجل أن العموم يعرض للمعنى الكلي - فسر العام بما فسر الكلي به ، وهو ما لا يمنع تصوره من الشركة .
فإن قيل : العموم الذي يعرض للمعاني ليس هو المتنازع فيه ; لأن العموم الذي هو المتنازع فيه شمول أمر واحد لأفراد متعددة ، كشمول الرجال الذي هو أمر واحد لمراتب العدد ، وعموم المطر ونحوه ليس كذلك ، فإنه لا يكون أمرا واحدا شمل الأطراف والأكناف ، بل حصل كل جزء من أجزاء المطر في جزء من أجزاء الأرض .
أجيب بأن العموم بحسب اللغة لا يكون مشتركا بأن يكون أمرا واحدا شاملا لأفراد متعددة ، بل العموم بحسب اللغة شرطه أن يكون أمرا يشمل متعددا ، سواء كان المتعدد أفراده أو لا .
وهذا المعنى من عوارض المعاني .
ولئن سلم أن عموم المطر لا يكون باعتبار أمر واحد يشمل المتعدد ، فعموم الصوت باعتبار واحد شامل للأصوات المتعددة الحاصلة للسامعين .
[ ص: 111 ] وكذا ذكر عموم الأمر والنهي ; فإنه باعتبار أمر واحد ، وهو الطلب الشامل لكل طلب تعلق بكل واحد من المأمورين .
وكذلك المعنى الكلي ، فإن عمومه باعتبار ( أمر واحد ) شامل لأفراده .