ش - لما كان الحد الحقيقي مركبا من الذاتيات ، وقد علم أن كل مركب له مادة وصورة ، أراد أن يشير إلى مادة الحد الحقيقي وصورته .
ولما كان ذكر الصورة مستلزما لذكر المادة من غير عكس ، خص الصورة بالقصد ، فقال : " وصورة الحد " أي الحقيقي ; لأن اللام فيه للعهد ، والمعهود الحد الحقيقي : الجنس الأقرب ثم الفصل .
[ ص: 77 ] ومعناه أن الهيئة الحاصلة بسبب وضع الجنس الأقرب أولا ثم الفصل ثانيا ، هي صورة الحد الحقيقي ; لأنه لو لم يوضع كذلك ، لم يحصل للحد صورة وحدانية مطابقة للمحدود كما هو عليه .
وتبين من ذلك أن مادة الحد الحقيقي : الجنس الأقرب والفصل . وإنما اختار لفظ " ثم " على الفاء ; لأنه يفيد تأخر الفصل على الجنس بلا لزوم ; لأن ثم للتراخي فيجوز أن يكون المتأخر متخلفا عن المقدم بخلاف الفاء ، فإنه للتعقيب . فلو أتي به بدل " ثم " لكان مشعرا بعدم تخلف الفصل عن الجنس . والواقع بخلافه .
ولما ذكر صورة الحد الحقيقي ومادته أراد أن يشير إلى خلل كل واحد منهما ، فبدأ بخلل الصورة; لأن الصورة أقرب إلى المحدود من المادة .