فقال قوم : إنه متواطئ ، أي موضوع للقدر المشترك بين المتصل والمنقطع .
وقال آخرون : إنه مشترك بينهما اشتراكا لفظيا .
[ ص: 249 ] حجة القائل بالمجاز : أن المتصل يسبق إلى الفهم عند إطلاق الاستثناء ، فيكون حقيقة في المتصل ، مجازا في المنقطع ، وإلا لم يسبق المتصل إلى الفهم .
حجة القائل بالتواطؤ : أن الاستثناء ينقسم إلى المتصل والمنقطع . ومورد القسمة مشترك بين القسمين ، فيكون معنى الاستثناء مشتركا بينهما ، فيكون متواطئا .
حجة القائل بالاشتراك : أنه يستعمل في المتصل والمنقطع ، وفي المتصل الإخراج ، وفي المنقطع المخالفة ، فلا مشترك بينهما من حيث المعنى فيجعل مشتركا بينهما اشتراكا لفظيا ، لأنه لا ترجيح لأحد المفهومين على الآخر في كونه حقيقة له دون الآخر .
والحق : المذهب الأول .
وبما ذكرنا من أن المتصل يسبق إلى الفهم عند إطلاقه يعرف ضعف المذهبين الآخرين .
ولا بد في الاستثناء المنقطع من مخالفة المستثنى للمستثنى منه في نفي الحكم ، أو في أن المستثنى حكم آخر ، له مخالفة مع المستثنى منه .
مثال الأول : ما جاءني القوم إلا حمارا .
مثال الثاني : ما زاد إلا ما نقص ، وما نفع إلا ما ضر .
[ ص: 250 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : " ما " الأولى نافية ، والثانية مصدرية ، وفاعل زاد ونفع مضمر ، ومفعولهما محذوف ؛ والتقدير : ما زاد فلان شيئا إلا نقصانا ، وما نفع فلان إلا مضرة .
فالمستثنى - وهو النقصان والمضرة - حكم مخالف للمستثنى منه وهو الزيادة والنفع . فيكون الاستثناء منقطعا ; لأن المستثنى من غير جنس المستثنى منه .
ولما كان إطلاق المستثنى على المتصل أظهر وأقوى ، لكونه حقيقة - لم يحمل فقهاء الأمصار الاستثناء على المنقطع ، ما لم يتعذر حمله على المتصل .