وذهب أبو الحسين وأبو عبد الله البصري إلى أنه مجمل .
واحتج المصنف على مذهب الجمهور بأن عرف استعمال أهل اللغة قبل الشرع في مثل هذا التركيب جرى على أن المراد : رفع المؤاخذة والعقاب ; لأن رفع المؤاخذة والعقاب يتبادر إلى الفهم عند سماع هذا التركيب ، فحينئذ لا إجمال فيه .
قوله : " ولم يسقط الضمان " إشارة إلى جواب سؤال تقريره أن عرف الاستعمال لو كان كما ذكرتم لارتفع الضمان أيضا ; لكونه من [ ص: 369 ] المؤاخذة والعقاب .
والتالي باطل ; لأن الضمان لا يسقط عنهم .
أجاب بوجهين :
أحدهما - أن الضمان إنما لم يسقط لأنه ليس عقابا ; لأن المراد من العقاب ما يتعلق بالنفس من المضار ، والضمان متعلق بالمال .
الثاني - أن وجوب الضمان وإن سلم أنه عقاب لكنه يكون تخصيصا لعموم الخبر الدال على نفي كل عقاب ، والتخصيص أولى من الإجمال .
القائلون بكونه مجملا احتجوا بما سبق في مثل " حرمت عليكم الميتة " . وتقريرها ها هنا أنه إذ امتنع رفع ذات الخطأ والنسيان عنهم وجب أن يقدر شيء بالضرورة ، ويجوز إضمار جميع ما يصلح أن يقدر ; لأن الضرورة تندفع بإضمار البعض ، وإضمار بعض معين دون بعض ، ترجيح من غير مرجح ، فيلزم الإجمال .
وجوابه ما تقدم ، وهو أنا لا نسلم عدم أولوية إضمار بعض معين .
وذلك لأن العرف يقتضي إضمار المؤاخذة والعقاب ، فيكون إضمارها أولى .