لنا : أن اليد إلى المنكب حقيقة ؛ لصحة بعض اليد لما دونه ، والقطع : إبانة المتصل ؛ فلا إجمال .
[ ص: 374 ] واستدل : لو كان مشتركا في الكوع والمرفق والمنكب لزم الإجمال .
وأجيب بأنه لو لم يكن لزم المجاز .
واستدل : يحتمل الاشتراك والتواطؤ .
وحقيقة أحدهما ووقوع واحد من اثنين أقرب من واحد معين .
وأجيب : ( بأنه ) إثبات اللغة بالترجيح .
وبأنه لا يكون مجملا أبدا .
قالوا : تطلق اليد على الثلاث ، والقطع على الإبانة وعلى الجرح ؛ فثبت الإجمال .
قلنا : لا إجمال مع الظهور .
ش - لا إجمال في قوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) من جهة اليد والقطع ، خلافا لبعض الأصوليين ، والدليل على أنه لا إجمال فيه أن اليد لمجموع العضو من الأنامل إلى المنكب حقيقة ; لصحة قولنا بعض اليد على ما دون المنكب ، وامتناع أن يكون بعض الشيء نفسه .
والقطع حقيقة في إبانة المتصل ؛ فلا إجمال فيه .
[ ص: 375 ] واستدل على هذا المذهب بأن هذه الآية إنما تكون مجملة لو كان اليد مشتركا في الكوع والمرفق والمنكب ، والاشتراك خلاف الأصل .
وأجيب بأنه لو لم يكن مشتركا لكان مجازا ، والمجاز خلاف الأصل .
وهذا الجواب ضعيف ; لأن المجاز أولى من الاشتراك ، واستدل أيضا على هذا المذهب بأن اليد يحتمل أن يكون مشتركا ، وحينئذ يكون مجملا ، ويحتمل أن يكون متواطئا ، ويحتمل أن يكون حقيقة في أحدهما ، مجازا في الباقين ، وعلى التقديرين يكون ظاهرا لا إجمال فيه .
ولا شك أن وقوع واحد من التقديرين الأخيرين أقرب من وقوع واحد معين ، وهو التقدير الأول ، فكونه غير مجمل أقرب من كونه مجملا .
أجاب بأن هذا إثبات اللغة بالترجيح ، وهو باطل .
وبأنه لو صح ما ذكرتم يلزم أن لا يكون مجمل أبدا لعين ما ذكرتم .
وفيه نظر ، لأن هذا الدليل لا يتمشى في جميع الألفاظ المجملة ، بل إنما يتمشى في اللفظ الذي أطلق على معان ، واختلف [ ص: 376 ] في كونه ظاهرا في البعض أو غير ظاهر في شيء منها .
القائلون بالإجمال احتجوا بأن اليد يطلق على الثلاث ، أي العضو إلى الكوع وإلى المرفق وإلى المنكب ، والقطع يطلق على الإبانة وعلى الجرح ، ولا ترجيح لواحد منها على الآخر ؛ فيحصل الإجمال .
أجاب بأن اليد والقطع وإن كانا يطلقان على المعاني المذكورة لكن لا إجمال فيهما لكونهما ظاهرين في بعض تلك المعاني ، لأن اليد ظاهرة في الكل ، والقطع في الإبانة ، ولا إجمال مع الظهور .