[ ص: 413 ] لنا : لو اشترط ( القطع ) لبطل العمل بالأكثر .
قالوا : ما كثر البحث فيه تفيد العادة القطع ، وإلا فبحث المجتهد ( يفيده ) لأنه لو أريد لاطلع عليه .
ومنع وأسند بأنه قد يجد ما يرجع به .
ش - أجمع الأصوليون على امتناع العمل بالعموم قبل البحث عن المخصص ، ووجهه أنه قبل البحث عن المخصص ، لم يحصل ظن العموم ، لأن اعتقاد إمكان وجود المخصص مانع عن حصول الظن .
وأما بعد البحث وعدم الوجدان يحصل الظن .
وبعد الإجماع على امتناع العمل بالعموم قبل البحث ، اختلفوا في كيفية ذلك البحث .
فذهب الأكثر إلى أنه يكفي البحث بحيث يغلب على الظن انتفاء المخصص ، ولا يشترط حصول القطع بانتفاء المخصص ، وقال القاضي : لا بد من البحث الموجب للقطع بانتفاء المخصص .
وكذلك كل دليل مع معارضه ، أي يكفي فيه البحث بحيث يغلب على الظن انتفاء معارضه .
[ ص: 414 ] واحتج المصنف على مذهب الأكثر بأنه لو اشترط القطع لبطل العمل بأكثر العمومات المعمول بها .
والتالي باطل .
بيان الملازمة : أن الاستقراء على أن أكثر العمومات المعمول بها مما لا يقطع العقل بانتفاء مخصصه ، بل غايته عدم الوجدان بعد البحث ، وعدم الوجدان لا يفيد القطع بانتفائه .
قال القاضي : القطع بانتفاء المخصص ممكن ، لأن ما كثر البحث فيه بين العلماء ، ولم يطلعوا على المخصص تفيد العادة فيه القطع بعدم المخصص .
وإلا ، أي وإن لم يكثر فيه البحث بين العلماء فبحث المجتهد يفيد القطع بانتفاء المخصص ، لأنه لو أريد بالعموم : الخصوص لاطلع عليه المجتهد عند البحث ; لاستحالة أن لا ينصب الله عليه دليلا ، وأن لا يبلغه إلى المكلف ، وإلا لكان نصب الدليل عبثا .
ومنع بأنا لا نسلم أن ما كثر فيه البحث بين العلماء يفيد القطع بالعادة .
وأيضا : لا نسلم أن بحث المجتهد فيه يفيد القطع .
وإلى هذين المعنيين أشار بقوله : " ومنع " .
وسند المنع أن المجتهد قد يجد من المخصصات ما يرجع به عن الحكم بالعموم ، ولو كان القطع حاصلا لما رجع .