والمنطوق : ما دل عليه اللفظ في محل النطق ؛ مثل : تحريم التأفيف . فإن قوله تعالى : فلا تقل لهما أف يدل عليه في محل النطق .
والمفهوم بخلافه ، وهو : ما دل اللفظ عليه لا في محل [ ص: 433 ] النطق . مثل تحريم الضرب ؛ فإن قوله تعالى : فلا تقل لهما أف يدل عليه ، لكن لا في محل النطق .
وغير الصريح بخلافه ، وهو : ما يلزم عما وضع له اللفظ .
وغير الصريح لا يخلو إما أن يقصده المتكلم ، أو لا ، فإن قصده وتوقف صدق المتكلم عليه ، أو توقف الصحة العقلية عليه ، أو توقف الصحة الشرعية عليه ، يسمى دلالة اللفظ عليه " دلالة اقتضاء " .
مثال ما توقف عليه الصحة العقلية : قوله تعالى : " واسأل القرية " . فإن ما هو لازم للمعنى الموضوع له لفظ القرية وهو [ ص: 434 ] الأهل ، مقصود منه ، وتوقف الصحة العقلية عليه ; لأن سؤال القرية غير صحيح عقلا .
مثال ما توقف عليه الصحة الشرعية : قولك للغير : ( أعتق عبدك عني على ألف ; فإنه يستدعي التمليك ؛ لتوقف العتق عليه شرعا . فالتمليك لازم للمعنى الذي وضع له لفظ أعتق عني " ، وهو مقصود ، وتوقف عليه الصحة الشرعية .
وإن لم يتوقف أحد هذه الثلاثة على ما يلزم عما وضع له اللفظ واقترن الملفوظ به بحكم لو لم يكن ذلك الحكم لتعليل الملفوظ به - كان الإتيان به بعيدا من الشارع فـ " تنبيه وإيماء " كما سيأتي في باب القياس .
وإن لم يقصد المتكلم ما يلزم عما وضع له اللفظ ، لكن يحصل بالتبعية - فدلالة اللفظ عليه " دلالة إشارة " .
وكذلك قوله تعالى : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم يلزم منه جواز الإصباح جنبا ، وإن لم يكن مقصودا ; لأن من باشر آخر الليل لا بد وأن يتأخر غسله إلى النهار فحينئذ [ ص: 436 ] يلزم جواز الإصباح جنبا .