وخالفت اليهود في الجواز وأبو مسلم [ ص: 503 ] الأصفهاني في الوقوع .
وانعقاد الإجماع على الوقوع مع مخالفة أبي مسلم ، محمول إما على إجماع من قبله ، وإما على مذهب المصنف ، وهو أن مخالفة الواحد لا يخل بالإجماع .
واحتج على الجواز بالقطع أنه لا يستحيل على الله تعالى أن يأمر عباده بفعل في وقت ثم يرفعه عنهم .
وإن اعتبرت المصالح - كما هو مذهب المعتزلة ؛ وهو أن أفعال الله تعالى تابعة لمصالح العباد - فالجواز أيضا ثابت ؛ إذ لا يمتنع أن [ ص: 504 ] يعلم الله تعالى استلزام الأمر بالفعل في وقت لمصلحة واستلزام رفعه في وقت آخر لمصلحة ; للقطع بأن المصلحة قد تختلف بالأوقات كما تختلف بالأشخاص .
وأيضا : قد ورد في التوراة أن الله تعالى قد أمر بتزويج بناته من بنيه ، وقد حرم ذلك ، يعني تزويج البنات من البنين بالاتفاق ، فيكون النسخ واقعا ، والوقوع دليل الجواز .
واستدل على جواز النسخ بأن إباحة العمل يوم السبت كانت ثابتة ، ثم نسخت الإباحة وحرم العمل يوم السبت .
وبأن جواز الختان كان حاصلا ، ثم صار واجبا يوم الولادة عندهم .
وبأن جواز الجمع بين الأختين كان ثابتا ، ثم نسخ الجواز وثبت التحريم ، فيكون النسخ واقعا . والوقوع دليل الجواز .
وأجيب بأن هذه الصور كانت مباحة بدليل الأصل ؛ ورفع مباح الأصل ليس بنسخ .