[ ص: 7 ] وأجيب إما بأنه غير مراد ، وإما بأنه يتضمن المساواة فيها .
وأورد قياس العكس مثل : لما وجب الصيام في الاعتكاف بالنذر ، وجب بغير نذر .
عكسه : الصلاة لما لم تجب فيه بالنذر ، لم تجب بغير نذر .
وأجيب بالأول ، أو بأن المقصود مساواة الاعتكاف بغير نذر في اشتراط الصوم له بالنذر بمعنى لا فارق .
أو بالسبر وذكرت الصلاة لبيان الإلغاء .
أو قياس الصوم بالنذر على الصلاة بالنذر .
ش - وأورد على عكس هذا التعريف قياس الدلالة ، وهو مساواة فرع لأصل في وصف جامع لا يكون علة للحكم ، لا في نفس الأمر ، ولا في نظر المجتهد ، بل يكون مساويا لها دالا عليها ، مثل الجمع بين الخمر والنبيذ بالرائحة الدالة على الشدة المطربة ; لأن الرائحة ليست بعلة ، بل العلة : الشدة المطربة ، والرائحة دالة عليها ، فإنه خارج عن التعريف المذكور للقياس ; [ ص: 8 ] لأنه لم يذكر فيه علة الحكم ، مع أنه قياس ، فلا ينعكس الحد .
أجاب عنه بوجهين :
أحدهما : أن قياس الدلالة غير مراد من هذا التعريف ; لأن المراد تعريف ما هو قياس حقيقة ، وقياس الدلالة لا يكون قياسا حقيقة .
الثاني : أنه قياس وليس بخارج عن التعريف ; لأن المساواة في الوصف الجامع الدال على العلة يتضمن المساواة في العلة .
وأورد أيضا على عكسه قياس العكس ، وهو إثبات نقيض حكم الأصل في الفرع لتحقق نقيض علة حكم الأصل في الفرع ، مثل قول الحنفية : لما وجب الصيام في الاعتكاف بالنذر ، وجب أيضا بغير نذر .
والصلاة لما تجب في الاعتكاف بالنذر ، لم تجب بغير نذر ، فإن الفرع هو الصيام ، والأصل هو الصلاة ، والحكم في الأصل عدم الوجوب في الواقع ، وفي الفرع الوجوب فيه ، والعلة في الفرع الوجوب بالنذر ، وفي الأصل عدم الوجوب بالنذر .
فإنه قياس ، ولا يصدق عليه الحد ; إذ لا مساواة بين الأصل والفرع في العلة ولا في الحكم .
أجاب عنه بثلاثة وجوه :
[ ص: 9 ] الأول : هو الوجه الأول في جواب الإيراد الأول ، وهو أن قياس العكس غير مراد من هذا التعريف ; لأنه ليس بقياس حقيقة ، وهذا التعريف لما هو قياس حقيقة .
الثاني : أن المقصود هاهنا مساواة الاعتكاف بغير نذر الصوم في اشتراط الصوم للاعتكاف بنذر الصوم ، إما بمعنى أنه لا فارق بين الاعتكاف بغير نذر صوم ، وبين الاعتكاف بنذر صوم في اشتراط الصوم . والاختلاف بالنذر وعدمه لا مدخل له في اشتراط الصوم وعدمه ، كما في الصلاة .
وإما بالسبر ، بأن يقال : الموجب لاشتراط الصوم إما الاعتكاف ، أو الاعتكاف بنذر الصوم .
والثاني باطل ; إذ لا أثر للنذر في الاشتراط ; إذ لو أثر لأثر في اشتراط الصلاة ، ولا أثر للنذر في اشتراط الصلاة بالاتفاق . فثبت أن الموجب للاشتراط هو الاعتكاف ، لا الاعتكاف بالنذر ، فيكون ذكر الصلاة لبيان إلغاء النذر .
فعلى هذا يكون الاعتكاف بنذر الصوم أصلا ، والاعتكاف بغير نذر الصوم فرعا ، والحكم وجوب الاشتراط فيهما ، والعلة الاعتكاف ، فيصدق حد القياس عليه وينعكس .
الثالث : أن المقصود قياس الصوم بالنذر على الصلاة بالنذر ، بأن يقال : على تقدير أن لا يشترط الصوم في الاعتكاف - [ ص: 10 ] لم يصر شرطا فيه بالنذر - كالصلاة فإنها لما لم تكن شرطا في الاعتكاف ، لم تصر شرطا فيه بالنذر .
فالصلاة أصل ، والصوم فرع ، والحكم عدم الصيرورة شرطا بالنذر ، والعلة كونهما عبادتين .