الأول ما ذكره أبو الحسين : وهو أن النقض يلزم فيه وجود مانع أو انتفاء شرط ; لأن تخلف الحكم بدون أحدهما يشعر بانتفاء العلة ، فبين النقض أن نقيض أحدهما ، أعني نقيض وجود المانع ونقيض انتفاء الشرط من أجزاء العلة الأولى التي ادعى أنها علة ; لأن الحكم لا يثبت بدون نقيض أحدهما ، فينتفي العلة عند انتفاء نقيض أحدهما ضرورة انتفاء الكل بانتفاء جزئه .
أجاب بأن المراد من العلة الباعث ، ونقيض أحدهما ليس جزءا من الباعث .
ويرجع النزاع لفظيا ; لأنه إن أريد بالعلة الباعث ، لا يكون نقيض أحدهما جزءا منها ، ولا يقدح النقض في العلة ، وإن أريد بالعلة ما يثبت الحكم ، يكون نقيض أحدهما جزءا منها ، ويقدح النقض في العلة .
الثاني : أنه لو صحت العلة مع النقض ، للزم الحكم في صورة النقض ; لأن العلة مستلزمة لمعلولها .
[ ص: 42 ] والتالي باطل; لأن الحكم قد تخلف في صورة النقض .
أجاب بأن صحة العلة كونها باعثة على شرعية الحكم ، لا أن يكون الحكم لازما لها . والعلة بمعنى الباعث لا تكون ملزومة للحكم ; فإن لزوم الحكم للعلة مشروط بوجود الشرط وعدم المانع .
الثالث : أنه لا يصح العلة مع النقض ; لأن دليل الاعتبار - وهو ما دل على علية الوصف - عارض دليل إهدار علية الوصف ، أي إبطالها ، وهو انتفاء الحكم في صورة ، فتساقطا .
أجاب بأن انتفاء الحكم لوجود المعارض - وهو تحقق المانع أو انتفاء الشرط - لا ينافي الشهادة ، أي الدليل الدال على اعتبار علية الوصف ; لأن عند وجود الشهادة ، جاز أن ينتفي الحكم لمعارض .
وإذا لم يكن بين انتفاء الحكم لمعارض وبين الشهادة منافاة ، لا يقع التعارض بينهما .
الرابع : أنه تفسد العلة بالنقض قياسا على العلة العقلية .
أجاب عنه بالفرق ، فإن العلة العقلية تقتضي المعلول [ ص: 43 ] بالذات ، فلا يجوز أن يتخلف المعلول عنها .
وهذه - أي العلة الشرعية - تقتضي الحكم بالوضع ، فيجوز أن يتخلف الحكم عنها .