وأما المستنبطة ، فتستلزم الجزئية لدفع التحكم ، [ ص: 59 ] فإن عينت بالنص ، رجعت منصوصة .
وأجيب بأنه يثبت الحكم في محال أفرادها ، فتستنبط .
ش - قال القاضي : لا بعد في العلة المنصوصة أن تكون متعددة ; لأنه إذا نص الشارع على أن كل واحدة منها علة مستقلة ، جعل كل واحدة علامة للحكم .
وأما العلة المستنبطة فإنها إذا تعددت ، يلزم أن يكون كل واحدة منها جزءا للعلة; لأن المستنبط إذا استنبط في الأصل وصفين ، يصلح كل منهما للعلة ، فإن عين بالنص علية كل منهما ، رجعت العلة منصوصة ، والتقدير بخلافه .
وإذا لم يعين بالنص علية واحد منهما ، فإن أسند الحكم إلى واحد منهما ، لزم التحكم ، وإن أسند إلى كل واحد منهما ، يلزم أن يكون الحكم مستغنيا عن كل منهما ، غير مستغن ، فيلزم التناقض ، فتعين أن يسند الحكم إليهما معا ، فيكون كل واحد منهما جزءا للعلة .
أجاب بأنه ثبت الحكم في محال أفرادها ، أي ثبت الحكم في محال كل واحد منها على سبيل الانفراد ، فيستنبط أن كل واحد منها على سبيل الانفراد علة مستقلة ، ولا يلزم أن يكون كل واحد منها على سبيل الاجتماع علة مستقلة ، فلا يلزم استغناؤه عن كل [ ص: 60 ] واحد منها وعدم استغنائه عنها عند اجتماعها .
والحاصل أنه يجوز أن يكون كل واحد من العلل المستنبطة علة مستقلة عند الانفراد ، ولا يكون علة مستقلة عند الاجتماع ، وحينئذ لا يخلو من أن يكون المراد من قوله : " المستنبطة إن كانت متعددة ، يلزم الجزئية " أنه يلزم الجزئية عند الاجتماع ، أو عند الانفراد ، والأول مسلم ، والثاني ممنوع ; إذ يجوز أن يكون كل واحد منها علة مستقلة عند الانفراد ، لما ذكرنا .
وأيضا : يجوز أن يكون كل واحد منها حالة الاجتماع علة مستقلة ، لأن العلل الشرعية أدلة ، ويجوز اجتماع الأدلة على مدلول واحد .