ص - الاعتراضات راجعة إلى منع أو معارضة ، وإلا لم تسمع ، وهي خمسة وعشرون :
الأول : الاستفسار ، وهو طلب معنى اللفظ لإجمال أو غرابة ، وبيانه على المعترض بصحته على متعدد ، ولا يكلف بيان التساوي لعسره .
ولو قال : التفاوت يستدعي ترجيحا بأمر ، والأصل عدمه ، لكان جيدا .
وجوابه بظهوره في مقصوده بالنقل أو بالعرف أو بقرائن معه ، أو بتفسيره .
وإذا قال : يلزم ظهوره في أحدهما دفعا للإجمال ، أو قال : يلزم ظهوره فيما قصدت ; لأنه غير ظاهر في الآخر اتفاقا ، فقد صوبه بعض .
[ ص: 179 ] وأما تفسيره بما لا يحتمله لغة ، فمن جنس اللعب .
ش - لما فرغ من القياس وأركانه وشرائطها وأقسامه وبيان كونه حجة ، شرع في الاعتراضات الواردة على القياس ، وهي راجعة إلى المنع أو المعارضة .
والمنع إما لمقدمة من مقدمات القياس ، أو لجميعها .
والمعارضة إما في المقدمة أو في نفس القياس .
والاعتراضات خمسة وعشرون :
الأول : الاستفسار ، وهو طلب معنى اللفظ الذي استعمله المستدل ، وذلك إنما يصح إذا كان في اللفظ إجمال بسبب تردده بين محملين ، أو غرابة بسبب ندرة الاستعمال ، فلا يعرفه المخاطب . وبيان الإجمال والغرابة على المعترض ; لأن الأصل عدمهما .
وبيان الإجمال بأن يبين المعترض صحة إطلاق اللفظ على متعدد ، ولا يكلف المعترض بيان تساوي المحملين في إطلاق ذلك اللفظ عليهما ; لعسره ، إذ ما من وجه يبين به التساوي إلا [ ص: 180 ] وللمستدل أن يقول : لم قلت ؟ لا تفاوت بينهما من وجه آخر . ولو قال المعترض في بيان تساوي المحملين على طريق الإجمال : التفاوت بين المحملين يستدعي ترجيح أحدهما على الآخر بأمر ، والأصل عدم ذلك الأمر المرجح ، لكان جيدا .
قيل : وفيه نظر ; لأنه لما سلم المعترض الاستعمال - والأصل عدم الاشتراك - فقد سلم حصول المرجح ، فلم يتمكن من أن الأصل عدم المرجح .
أجيب بأنه لا يلزم من قولنا : الأصل عدم الاشتراك ، حصول المرجح ; وذلك لأن سبب الإجمال لا ينحصر في الاشتراك ، وجواب المستدل بعد بيان المعترض الإجمال .
أما بطريق التفصيل : فبأن يبين ظهور اللفظ في مقصوده ، أي مقصود المستدل بالنقل من أهل اللغة أو بعرف الشرع ، أو الاصطلاح ، أو بقرائن موجودة مع اللفظ ، أو بأن يفسر اللفظ بما هو مقصوده ، إن عجز عن ذلك .
وأما بطريق الإجمال : فبأن يقول المستدل : اللفظ ظاهر فيما هو المقصود ; لأنه يلزم ظهور اللفظ في أحد المحملين ، وإلا يلزم [ ص: 181 ] الإجمال ، وهو خلاف الأصل ; لإخلاله بالتفاهم المقصود من وضع اللفظ . ولا يكون اللفظ ظاهرا في غير المقصود بالاتفاق .
أما عند المعترض ; فلأنه قائل بالإجمال .
وأما عند المستدل فلدعوى ظهوره في المقصود .
فتعين أن يكون ظاهرا في المقصود ، أو يقول : اللفظ ظاهر فيما قصدت ; لأنه غير ظاهر في الآخر ، أي في غير المقصود اتفاقا ، والأصل عدم الإجمال .
وقد صوب بعض الأصوليين هذا الطريق في بيان دفع الإجمال بناء على أن الغرض بيان الظهور ، وقد حصل بهذا الطريق .
وأما إذا فسر المستدل اللفظ بما لا يحتمله لغة ، بأن لا يكون معهودا في اللغة بطريق الحقيقة ولا بطريق المجاز ، فمن جنس الخبط واللعب ، فلا يكون معتدا به .
وأما جواب الغرابة ، فببيان شهرة اللفظ بين أهل الاصطلاح ، ولم يذكر المصنف بيان الغرابة من جهة المعترض ، ولا جوابه من جهة المستدل .