فيرد القول بالموجب بأن يقول المعترض بموجب هذا الدليل ، وهو أن القتل بالمثقل لا ينافي وجوب القصاص لكن عدم المنافاة ليس محل النزاع ، ولا يقتضيه محل النزاع ، أي لا يكون ملازما لمحل النزاع ; إذ لا يلزم من عدم المنافاة بين الشيئين كون أحدهما ملازما للآخر .
الثاني : أن يستنتج المستدل من الدليل إبطال ما يتوهم أنه مأخذ الخصم ، ولا يكون كذلك ، مثل قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القتل بالمثقل : التفاوت في الوسيلة [ ص: 244 ] لا يمنع وجوب القصاص ، كالتفاوت في المتوسل إليه ، فيظن المستدل أن مأخذ عدم وجوب القصاص عند الخصم تفاوت الوسيلة . فيرد القول بالموجب بأن يقول المعترض بموجب الدليل ، وهو أن التفاوت في الوسيلة لا يمنع وجوب القصاص عندي أيضا ، ولكن لم يلزم وجوب القصاص ; إذ لا يلزم من إبطال مانع انتفاء الموانع ووجود الشرائط ووجود المقتضي ، ووجوب القصاص يتوقف على كل ذلك .
والصحيح أن المعترض مصدق في مذهبه بأن ما ذهب إليه المستدل ليس مأخذ المعترض ، فإنه أعرف بمذهبه ومذهب إمامه . وقيل : لا يصدق إلى أن يظهر مأخذه ، لجواز أن يكون ما ذكره المستدل مأخذ المعترض ، إلا أنه لا يقول به للعناد .
وأكثر القول بالموجب كذلك ، أي يكون من باب غلط المأخذ لخفاء المأخذ ، فإن مدرك حكم المجتهد كثيرا ما يخفى ، بخلاف محل الخلاف ، والحكم هو المختلف فيه ، فإنه لا يخفى . ولهذا يشترك العوام مع الخواص في معرفة الأحكام دون المدارك .
[ ص: 245 ] مثل قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في اشتراط النية في الوضوء : ما ثبت قربة فشرطه النية ، قياسا على الصلاة . ويسكت عن الصغرى ، وهي قوله : الوضوء قربة .
فيرد المعترض بأن يقول بموجب الكبرى ، ولكن لا ينتج الكبرى وحدها .
ولو ذكر المستدل الصغرى ، لم يرد إلا منع الصغرى بأن يقول المعترض : لا نسلم أن الوضوء قربة .
وقول الأصوليين في القول بالموجب : يلزم انقطاع المستدل أو المعترض في القسم الثالث من القول بالموجب ، بعيد لاختلاف مراد المستدل ومراد المعترض ، إذ مراد المستدل أن الصغرى ، وإن كانت محذوفة لفظا ، فهي مذكورة تقديرا ، والمجموع يفيد المطلوب .
ومراد المعترض أن المذكور هو الكبرى وحدها ، وهي لا تفيد المطلوب .
وجواب القسم الأول من القول بالموجب بأن ما لزم من الدليل هو محل النزاع ، أو مستلزم له ، وبيانه بالنقل المشهور ، كما لو قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يجوز قتل المسلم بالذمي ، فيقول الحنفي بالموجب بأن قتل المسلم بالذمي لا يجوز عندي ; لأنه يجب . فيقول المستدل بأن المعنى بـ ( لا يجوز ) : تحريم قتل المسلم بالذمي ، وتحريم قتل المسلم بالذمي مستلزم لنفي الوجوب .
[ ص: 246 ] والجواب عن القسم الثاني من القول بالموجب أن ما ذكرته هو المأخذ ، وبيانه استشهاره بين النظار .
والجواب عن القسم الثالث من القول بالموجب بأن حذف الصغرى جائز ، والدليل مجموع الصغرى والكبرى ، لا الكبرى وحدها .