وأنكره غيرهم ، حتى قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه : " من استحسن فقد شرع " . أي فقد وضع شرعا جديدا .
[ ص: 283 ] ولا يتحقق استحسان مختلف فيه ; لأن الاستحسان الواقع في الكلام مما لا نزاع فيه ; لأنه لا كلام في صحة إطلاق لفظ الاستحسان على الواجب في بعض الصور ; لقوله : ( وأمر قومك يأخذوا بأحسنها ) .
وعلى المندوب في بعضها ، كقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : " أستحسن ترك شيء من نجوم الكتابة " .
وأما الاستحسان الغير الواقع في الكلام ، فقيل في تعريفه : إنه دليل ينقدح في نفس المجتهد تعسر عبارته عنه .
قلنا : إن شك المجتهد في كونه دليلا ، فمردود بالاتفاق ، وإن تحقق كونه دليلا ، فلا بد من العمل به اتفاقا ، فلا يتحقق فيه خلاف .
وقيل في تعريفه : الاستحسان هو العدول عن قياس إلى قياس أقوى ، ولا نزاع فيه أيضا ; لأنه يعمل به من كان القياس عنده حجة .
وقيل : هو تخصيص قياس بدليل أقوى منه .
[ ص: 284 ] ولا نزاع فيه أيضا .
وقيل : العدول إلى خلاف النظير لدليل أقوى منه ، أي هو العدول في مسألة عن مثل ما حكم به في نظائرها لدليل هو أقوى ، ولا نزاع فيه أيضا .
وقيل : هو العدول عن حكم الدليل إلى العادة لمصلحة الناس ، كدخول الحمام من غير تقدير أجرة للحمام ، ومن غير تقدير مدة السكون ، وكشرب الماء من السقاء من غير تقدير أجر له .
قلنا : مستند هذا ليس هو العدول عن حكم الدليل إلى العادة لمصلحة ، بل مستنده جريانه في زمان النبي - عليه السلام ، أو في زمان الصحابة مع علمهم من غير إنكار . وإلا أي وإن لم يجر في زمانه أو زمانهم ، أو جرى ولم يكونوا عالمين به ، أو كانوا عالمين به وأنكروا عليه ، فهو مردود .
فقد ثبت أن الاستحسان في الصور التي ذكرناها مما لا نزاع فيه .
[ ص: 285 ] فإن تحقق استحسان مختلف فيه في غير هذه الصور ، قلنا : لا دليل يدل على كونه حجة ، فوجب تركه ، والقائلون بكون الاستحسان حجة ، احتجوا بقوله - تعالى : ( واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ) . فإنه أمر فيه باتباع الأحسن ، والأمر للوجوب .