المثبت : لو لم يتجزأ ، لعلم الجميع . وقد سئل مالك عن أربعين مسألة ، فقال في ست وثلاثين منها : لا أدري .
وأجيب بتعارض الأدلة ، وبالعجز عن المبالغة في الحال .
[ ص: 291 ] قالوا : إذا اطلع على أمارات مسألة ، فهو وغيره سواء .
وأجيب بأنه قد يكون ما لم يعلمه متعلقا .
ش - اختلف الأصوليون في أنه هل يتجزأ الاجتهاد أم لا ؟ والمراد بتجزؤ الاجتهاد التمكن من استخراج بعض الأحكام دون بعض ، كالفرضي إذا تمكن من استخراج الأحكام في الفرائض ، ولم يتمكن من استخراج الأحكام في غير الفرائض .
فمنهم من قال : يتجزأ الاجتهاد ، ومنهم من منع .
ومثبت تجزؤ الاجتهاد احتج بوجهين :
الأول : لو لم يتجزأ الاجتهاد ، لعلم المجتهد جميع الأحكام ; لوجوب تمكنه حينئذ من استخراج جميع الأحكام .
والتالي باطل ، فإن مالكا - مع علو شأنه - لم يعلم الجميع ; لأنه سئل عن أربعين مسألة ، فقال في ست وثلاثين منها : لا أدري .
أجاب بأن مالكا إنما لم يجب عن تلك المسائل لتعارض الأدلة عنده ، لا لعدم تمهره في الجميع .
وبأنه إنما لم يجب عنها بسبب عجزه عن المبالغة في استفراغ الوسع في الحال بسبب مانع ، ولكن كان متمكنا من استخراج ما سئل عنه .
وقول مالك : لا أدري ، لا يوجب عدم تهيؤ العلم بالجميع .
الثاني : إذا اطلع المستفرغ على أمارات مسألة ، فهو وغيره - أي المجتهد المطلق - سواء في تلك المسألة . فكما تمكن المجتهد المطلق من استخراج حكم تلك المسألة تمكن المستفرغ أيضا .
أجاب بأنا لا نسلم أنه والمجتهد المطلق سواء في تلك المسألة ، فإنه قد يكون ما لم يعلمه متعلقا بتلك المسألة ، ولا يتمكن هو من استخراج حكم تلك المسألة لتعلق ما لم يعلمه بتلك المسألة ، بخلاف المجتهد المطلق ، فإنه يتمكن لعلمه بما يتعلق بتلك المسألة .
ولقائل أن يقول : إذا كان لما لم يعلم تعلق بالمسألة ، لم يكن عارفا بجميع أمارات تلك المسألة ، وهو خلاف المفروض .