والنهي بمثله على الإباحة ، والأقل احتمالا على الأكثر ، والحقيقة على المجاز ، والمجاز على المجاز بشهرة مصححه أو قوته ، أو قرب جهته أو رجحان دليله أو شهرة استعماله ، والمجاز على المشترك على الصحيح كما تقدم ، والأشهر مطلقا ، واللغوي المستعمل شرعا على الشرعي ، بخلاف المنفرد الشرعي ، وبتأكيد الدلالة ، ويرجح في الاقتضاء بضرورة الصدق على ضرورة وقوعه شرعا ، وفي الإيماء بانتفاء العبث أو الحشو على غيره ، وبمفهوم الموافقة على المخالفة على الصحيح ، والاقتضاء على الإشارة ، وعلى الإيماء وعلى المفهوم ، وتخصيص العام على تأويل الخاص لكثرته ، والخاص ولو من وجه ، والعام لم يخصص على ما خص . والتقييد كالتخصيص ، والعام الشرطي على النكرة [ ص: 384 ] المنفية وغيرها . والمجموع باللام ومن وما على الجنس باللام ، والإجماع على النص ، والإجماع على ما بعده في الظني .
ش - لما فرغ من الترجيح بأمور عائدة إلى السند ، شرع في الترجيح بأمور تعود إلى المتن .
والأمر يرجح على الإباحة على المذهب الصحيح لاحتمال الضرر على تقدير الترك لو قدم الإباحة ، بخلاف العكس ; لأنه لو قدم الأمر ، لم يحتمل الضرر ; لأنه لم يجز تركه .
ومن رجح الإباحة على الأمر ، نظر إلى أن الأمر احتمل عدة معان ، بخلاف الإباحة ، فكانت الإباحة أقل احتمالا ، فيرجح على الأمر لقلة الاحتمال .
وذلك بأن تكون العلاقة بينه وبين الحقيقة أشهر من العلاقة بين المجاز الآخر والحقيقة ، مثل : أن يكون أحدهما من باب المشابهة ، والآخر من باب اسم المتعلق على المتعلق .
أو بقوة مصححه ، بأن يكون مصحح أحد المجازين أقوى من مصحح الآخر ، كإطلاق اسم الكل على الجزء وبالعكس ، فإن العلاقة المصححة في الأول أقوى من العلاقة المصححة في الثاني ، أو بقرب جهة أحد المجازين إلى الحقيقة ، كحمل نفي الذات على نفي الصحة ، فإنه أقرب إليه من نفي الكمال ، أو يكون دليل أحد المجازين راجحا على دليل المجاز الآخر .
[ ص: 386 ] وذلك بأن تكون القرينة الصارفة في أحدهما قطعية ، وفي الآخر غير قطعية .
ويرجح أحد المتعارضين في المفهوم بمفهوم الموافقة ، فإن مفهوم الموافقة راجح على مفهوم المخالفة على المذهب الصحيح ; لأن دلالة اللفظ على مفهوم الموافقة أظهر من دلالته على مفهوم [ ص: 388 ] المخالفة ، ولذلك لم يقل بمفهوم المخالفة بعض من قال بمفهوم الموافقة .
ويرجح الاقتضاء على الإشارة وعلى الإيماء وعلى المفهوم ، أما ترجيحه على الإشارة ، فلأن الاقتضاء مقصود بإيراد اللفظ صدقا أو حصولا ، ويتوقف الأصل عليه ، بخلاف الإشارة ، فإنها لم تقصد بإيراد اللفظ ، وإن توقف الأصل عليها .
وأما ترجيحه على الإيماء ، فلأن الإيماء وإن كان مقصودا بإيراد اللفظ ، لكنه لم يتوقف الأصل عليه ، وأما ترجيحه على المفهوم ، فلأن الاقتضاء مقطوع بثبوته ، والمفهوم مظنون ثبوته ، ولذلك لم يقل بالمفهوم بعض من قال بالاقتضاء .
ويرجح تخصيص العام على تأويل الخاص ; لأن تخصيص العام كثير ، وتأويل الخاص ليس بكثير ; ولأن الدليل لما دل على عدم إرادة البعض ، تعين كون الباقي مرادا ، وإذا دل على أن الظاهر الخاص غير مراد ، لم يتعين هذا التأويل .