ص - والخطأ في البرهان لمادته وصورته . فالأول يكون في اللفظ للاشتراك ، أو في حروف العطف ، مثل الخمسة أو في حرف العطف ، مثل : الخمسة زوج وفرد . ونحو : حلو حامض ، وعكسه طبيب ماهر .
[ ص: 145 ] ولاستعمال المتباينة كالمترادفة ، كالسيف والصارم . ويكون في المعنى لالتباسها بالصادقة ، كالحكم على الجنس بحكم النوع . وجميع ما ذكر في النقيضين .
وكجعل غير القطعي كالقطعي ، وكجعل العرضي كالذاتي ، وكجعل النتيجة مقدمة بتغيير ما ، ويسمى المصادرة .
ومنه المتضايفة وكل قياس دوري . والثاني أن يخرج عن الأشكال .
ش - لما فرغ من ذكر البرهان وأقسامه أراد أن يذكر الخطأ الواقع فيه ليحترز عنه .
والخطأ في البرهان إما لأجل مادته أو لأجل صورته . والأول قد يكون في اللفظ ، وقد يكون في المعنى . والذي يكون في اللفظ إنما هو بسبب اشتباه دلالته ؟ إما الاشتراك في أحد جزئي القول بحسب جوهره كالعين أو بحسب تصاريفه ، كالمختار ، فإنه مشترك بين الفاعل والمفعول بحسب الصيغة .
أو في حرف العطف ، مثل : الخمسة زوج وفرد ، فإن الواو للجمع ، فيصدق قولنا : زوج وفرد حالة الجمع ، فيتوهم صدقه حالة الإفراد ، فيقال الخمسة زوج .
وقولنا للمر : إنه حلو حامض ، نحوه في أنه يصدق حالة الجمع ، فيتوهم صدقه حالة الإفراد ، فيقال : المر حلو ، أو حامض .
[ ص: 146 ] و " عكسه " أي يصدق اللفظ حالة الإفراد ، فيتوهم صدقه حالة الجمع ، كما إذا كان زيد ماهرا في الخياطة ، غير ماهر في الطب ، فيصدق حالة الإفراد : زيد طبيب ، زيد ماهر ، فيتوهم صدقه حالة الجمع ، فيقال : زيد طبيب ماهر . وإلى هذا إشارة بقوله : " وعكسه طبيب ماهر " .
وإما [ لاستعمال ] الألفاظ المتباينة مثل استعمال المترادفة ، كاستعمال السيف مقام الصارم وبالعكس ، فإن السيف اسم الذات سواء كان قاطعا أو لا ، والصارم اسم له باعتبار القطع ، فيتوهم أنهما مترادفان ، لإطلاقهما على شيء واحد ، فيستعمل أحدهما مقام الآخر .
والخطأ الذي يكون في المادة من جهة المعنى ، لالتباس المادة الكاذبة بالصادقة ، كالحكم على الجنس بما حكم به نوعه . كقولنا : الفرس حيوان ، والحيوان ناطق ، فإنه قد حكم على الحيوان الذي هو الجنس بالناطق الذي يحكم به على الإنسان الذي هو نوعه .
وهذا من النوع الذي يسمى في باب المغالطة بسوء اعتبار الحمل ، وهو أن يؤخذ مع الشيء ما ليس منه ، أو لا يؤخذ معه ما هو منه .
ومن هذا النوع : الغلط في جميع ما ذكر في شرائط التناقض ; من أخذ ما بالقوة مكان ما بالفعل ، وأخذ المطلق مكان المقيد ، وأخذ الكل مكان الجزء .
[ ص: 147 ] قوله : و " كجعل " عطف على قوله : " كالحكم " أي وكجعل المقدمة الغير القطعية - مثل المقدمة الظنية أو التقليدية أو الوهمية - مكان القطعي وكأخذ العرضي مكان الذاتي ، كأخذ الماشي [ جنسا ] للإنسان مكان الحيوان .
وكجعل النتيجة مقدمة بتغيير في اللفظ ، ويسمى هذا الصنف : المصادرة على المطلوب ; مثل قولنا : كل حركة نقلة ، وكل نقلة في مكان ، فكل حركة في مكان ; فإن الكبرى عين النتيجة ، إلا أنه بدل لفظ الحركة بالنقلة .
ومن هذا [ القبيل ] أي ومن جعل النتيجة مقدمة بتغيير ما : المتضايقة . مثل : هذا ذو أب ، وكل ذي أب ابن ، [ فهذا ابن ] ، فإن الصغرى عين النتيجة .
ومن هذا القبيل : كل قياس دوري ، وهو أن تثبت إحدى مقدمتيه بقياس متألف من نتيجة القياس الأول ، وعكس المقدمة الأخرى . كما يقال : كل وضوء رفع الحدث ، وكل ما هو رفع الحدث يصح بالنية ، فكل وضوء يصح بالنية .
ثم يستدل على قولنا : كل ما هو رفع الحدث يصح بالنية ، بقولنا : كل ما هو رفع الحدث وضوء ، وكل وضوء يصح بالنية ، فكل ما هو رفع الحدث يصح بالنية .
[ ص: 148 ] والثاني - وهو أن يكون الخطأ بسبب الصورة - أن لا يكون على هيئة شكل من الأشكال ، أو لا يكون على ضرب من الضروب المنتجة .