[ ص: 162 ] [ ص: 163 ] المشترك ص - ( مسألة ) : المشترك واقع على الأصح . لنا أن القرء للطهر والحيض معا على البدل من غير ترجيح .
ش - المشترك هو اللفظ الواحد الموضوع لعدة معان وضعا أولا . فقوله : اللفظ ، كالجنس للمشترك وغيره . وقوله : الواحد الموضوع لعدة معان ، يخرج عنه الألفاظ المتباينة والمتواطئة والمشككة ; لأنها لم توضع لعدة معان ، بل لمعنى واحد ، وإن كان ذلك المعنى مشتركا بين الأفراد .
وقوله : وضعا أولا ، يخرج عنه الألفاظ المنقولة والمجازية ; فإنها وإن كانت موضوعة لعدة معان ولكن لا وضعا أولا .
فهذه أربعة احتمالات : وقال بكل واحد منها قائل ، إلا أنه لا فرق بين كونه ممكنا واقعا وبين كونه واجبا عند التحقيق .
[ ص: 164 ] وذلك لأن الوجوب ههنا هو الوجوب بالغير ، إذ لا معنى للوجوب بالذات أصلا ، والممكن الواقع هو الواجب بالغير ; لأن الممكن ، ما لم يجب صدوره عن الغير ، لا يقع فحينئذ لا فرق بينهما .
وكذا بين الممكن الغير الواقع والممتنع ، كمثل ما ذكرنا . فتكون الاحتمالات الأربعة راجعة إلى الوقوع وإلى عدمه . فلذلك لم يتعرض المصنف إلا لهما وذكر دليل القائلين بالوجوب على الوقوع .
وقد علم باستقراء كلامه في هذا المختصر أنه يشير بلفظ " لنا " إلى الدليل الصحيح على مطلوبه . وبلفظ " استدل " إلى الدليل الفاسد على مطلوبه ; وبلفظ " قالوا " إلى دليل المذهب الباطل .
[ ص: 165 ] والأصح عنده أن المشترك واقع ، فلهذا قال " لنا " . وتقرير دليله أن القرء وضع للطهر والحيض معا على البدل ، بمعنى أنه وضع لكل واحد منهما من غير ترجيح أحدهما على الآخر ، لاتفاق أهل اللغة على أن القرء للطهر والحيض معا على البدل من غير ترجيح .
ولأنا إذا سمعنا القرء ، لم نفهم أحدهما على التعيين ، وبقي الذهن مترددا . ولو كان اللفظ متواطيا أو حقيقة في أحدهما أو مجازا في الآخر لما كان كذلك . فحينئذ يكون مشتركا بينهما .
وما قيل من أنه يجوز أن يكون موضوعا لأحدهما ، ثم نقل إلى الثاني بطريق المجاز وخفي ذلك ، احتمال بعيد ; لأن الخفاء على وجه لا يعلم [ ص: 166 ] أحد من أهل اللغة مع مبالغتهم في الاستقصاء والدلائل اللغوية لا يجب أن ينتهي إلى القطع المانع من الاحتمالات البعيدة ، بل يكفي فيها [ الأولى ] والأقرب .