ص - ( مسألة ) : الشرعية واقعة . خلافا للقاضي . وأثبتت المعتزلة الدينية أيضا .
ش - ولنذكر قبل الخوض في المقصود مقدمة .
اعلم أن اللفظ إذا وضع لمعنى ، ثم نقل في الشرع إلى معنى [ ص: 215 ] ثان ، لمناسبة بينهما ، وغلب استعماله في المعنى الثاني ، يسمى : " منقولا شرعيا " .
والمنقول الشرعي لما غلب استعماله في المعنى الثاني بحيث لم يحتج عند إطلاقه على المنقول إليه ، إلى ملاحظة العلاقة بينه وبين المنقول عنه ، صار كأنه موضوع للمنقول إليه وضعا أولا ; ضرورة عدم الافتقار إلى ملاحظة وضع سابق ، فيكون حقيقة .
بخلاف المجاز ; فإنه لما لم يغلب استعماله في المعنى الثاني افتقر عند إطلاقه على الثاني إلى اعتبار العلاقة ، فلم يكن موضوعا وضعا أولا; ضرورة افتقاره إلى ملاحظة وضع سابق .
والحقيقة الشرعية : هي اللفظ المستعمل فيما وضع له أولا في الشرع . وهي تتناول المنقول الشرعي ، لما ذكرنا ، والموضوعات المبتدأة ، وهي ألفاظ وضعها الشارع بإزاء المعاني المخترعة ابتداء ، من غير أن ينقل من اللغة . إذا عرفت هذا فنقول : اختلف في وقوع الحقيقة الشرعية . فقال القاضي : إنها غير واقعة ، على معنى أن : [ ص: 216 ] تلك الألفاظ مستعملة في المعاني اللغوية ، والزيادات التي هي في المعاني الشرعية شروط . أو ] ) على معنى أن ما استعمله الشارع مجازات لغوية لم تبلغ رتبة الحقائق . والمختار عند المصنف أنها واقعة على معنى أنها كانت ] ) مجازات في ابتداء النقل بسبب عدم اشتهارها ، ثم صارت حقائق شرعية لغلبة الاستعمال .
وأثبت المعتزلة الأسماء الشرعية والدينية أيضا ، على معنى أنها ليست متعلقة بالحقائق اللغوية .
[ ص: 217 ] والفرق بين الأسماء الشرعية الدينية عندهم : أن الأسماء الشرعية إن أجريت على الأفعال الشرعية ، كالصلاة ، والصيام ، والزكاة ، والحج ، تسمى : غير دينية . وإن أجريت على المشتقات من الفاعلين ، كالمؤمن ، والفاسق ، والكافر تسمى : دينية .
ولا فرق بين المذهب المختار وبين المعتزلة من حيث إن الحقائق الشرعية واقعة . إنما الفرق من حيث إنهم قالوا : إنها موضوعة مبتدأة ، غير منقولة من الحقائق اللغوية . والمذهب المختار بخلافه .