والواو في قوله " وهو في القرآن " للحال . والجملة المذكورة بعدها حال عن الضمير في اسم الفاعل ، وهو قوله : " واقع " في قوله : " المجاز واقع " والعامل اسم الفاعل . والمختار عند المصنف مذهب المحققين .
وأريد ههنا نفي المثل ، وإلا لم يحصل المقصود ، وهو بيان تفرده في ذاته ، ونفي المثل عنه . لأن نفي مثل المثل لا يوجب نفي المثل . بل لو كان المراد منه نفي مثل المثل يلزم المحال ; لأنه يلزم نفيه . تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ; لأنه تعالى مثل لمثله .
لا يقال : لا نسلم أنه تعالى مثل لمثله ; لأن الحكم بكونه مثلا لمثله ، إنما يتصور بعد ثبوت مثله ، وثبوت مثله محال . لأنا نقول : ثبوت [ ص: 234 ] مثل المثل لا يتوقف على ثبوت المثل في الخارج ، بل يتوقف على ثبوت مثله في الذهن .
والحق أن هذا الكلام محمول على المعنى الحقيقي ، ويلزم منه نفي المثل مطلقا ; لأنه إذا انتفى مثل المثل يلزم منه انتفاء المثل مطلقا ; لأنه لو تحقق المثل في الجملة يلزم أن يكون الله - سبحانه وتعالى - مثل مثله ، والتقدير أن مثل مثله منتف .
وكذلك قوله تعالى : واسأل القرية مجاز ; لأن المراد من القرية أهلها ; لامتناع السؤال من القرية .
وكذلك قوله تعالى : جدارا يريد أن ينقض فأقامه مجاز ، لأن الإرادة صفة لذي شعور ، وقد أريد بها ههنا الميل القائم بالجدار .
وكذلك قوله تعالى : فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ; فإنه أطلق الاعتداء على القصاص ، والاعتداء ضد القصاص . وقيل : إنه سبب القصاص . فعلى الأول تكون تسمية للشيء باسم ضده ، وعلى الثاني باسم سببه . [ ص: 235 ] وكذلك قوله تعالى : وجزاء سيئة سيئة ; فإنه أطلق السيئة على جزاء السيئة . وجزاء السيئة حسنة . فثبت أن المجاز واقع في القرآن .
ويجوز أن يقال : إنما أطلق الاعتداء على القصاص لأنه مشابه للاعتداء في الصورة ، فيكون تسمية الشيء باسم مشابهه . والقرينة التي تدل عليه قوله تعالى : " بمثل ما اعتدى " . فإن المثل إنما يتحقق باعتبار المشابهة ( في الصورة ) ] 2 ) .