بيان الملازمة أن القصة واحدة . فلو اقتضت الواو الترتيب ، لكان الأمر بدخول الباب مقدما على الأمر بالقول لما دلت عليه الآية الأولى ، ولم يكن مقدما لما دلت عليه الآية الثانية . فيلزم التناقض .
وأما بطلان اللازم ; فلأن التناقض كذب ، والكذب على الله تعالى محال .
[ ص: 268 ] الثاني : أنها لو كانت للترتيب لما صح قول القائل : " تقاتل زيد وعمرو " والتالي باطل ; لأن أهل اللغة أجمعوا على صحته ، فيلزم بطلان المقدم .
بيان الملازمة أن قولنا : " تقاتل " يقتضي الأخذ في الفعل معا ; لأنه من باب [ التفاعل ] وهو يقتضي حصول الفعل من الجانبين معا ، وهو ينافي الترتيب الذي هو مقتضى الواو حينئذ .
الثالث : أنها لو كانت للترتيب لكان قولنا : جاء زيد وعمرو بعده ، تكريرا ; لإفادة الواو البعدية . ولكان : جاء زيد وعمرو قبله ، تناقضا ; لأن الواو يفيد البعدية وهي تناقض القبلية . والتالي باطل بالإجماع ، فالمقدم مثله .
أجاب المصنف عن الوجوه الثلاثة بمنع الملازمة ; فإنه يجوز أن يكون استعماله في الصور المذكورة بطريق المجاز وإن كانت حقيقة في الترتيب ، لما سنذكر من الدلالة على كونها حقيقة للترتيب . فلا يلزم شيء مما ذكرتم من المحالات . فإن قيل : الأصل في الاستعمال ، الحقيقة ، فيكون استعماله في هذه الصور أيضا بطريق الحقيقة .
[ ص: 269 ] ولقائل أن يقول : إذا كانت الواو مستعملة في كل واحد من الترتيب والمعية ، فليس جعله حقيقة في الترتيب مجازا في المعية ، أولى من عكسه . فتعين المصير إلى أن تجعل حقيقة للقدر المشترك بينهما ، وهو الجمع المطلق . وحينئذ يصح الاستدلال بالوجوه الثلاثة على أنها ليست للترتيب .