ص - الثالث : ابتداء الوضع . [ ص: 276 ] ليس بين اللفظ ومدلوله مناسبة طبيعية .
لنا : القطع بصحة وضع اللفظ للشيء ونقيضه وضده ، وبوقوعه " كالقرء " و " الجون " .
ش - البحث الثالث في ابتداء الوضع . اعلم أن معرفة ابتداء الوضع فرع على معرفة الواضع ; لأنه ما لم يتحقق أن الواضع من هو ، لم يتحقق ابتداء الوضع .
فلذلك بحث المصنف عن الواضع . والبحث عن الواضع مبني على أن دلالة الألفاظ على المعاني بالوضع لا بالذات . فلذلك قدم المصنف إبطال قول من قال : إن دلالة الألفاظ على المعاني بالذات والطبع ، - وهو عباد بن سليمان الضمري - فقال : ليس بين اللفظ ومدلوله مناسبة طبيعية تقتضي اختصاص اللفظ بالمعنى في الدلالة .
والدليل عليه القطع بصحة وضع اللفظ للشيء ونقيضه ، وللشيء وضده . وأيضا القطع بوقوع اللفظ على الشيء ونقيضه ، كـ " القرء " الواقع على الحيض وعدمه ، وهو الطهر .
[ ص: 277 ] وبوقوع اللفظ على الشيء وضده ، كـ " الجون " الواقع على الأبيض وضده ، وهو الأسود .
فلو كانت دلالة اللفظ على المعاني لمناسبة طبيعية بينهما ، لزم أن يناسب اللفظ الواحد للنقيضين والضدين بالطبع ، وهو محال .
ولأن دلالة الألفاظ على المعاني لو كانت بالذات لما اختلفت باختلاف الأمم ، ولاهتدى كل أحد من الناس إلى كل لغة . والتالي باطل فالمقدم مثله .