ش - لما فرغ عن تحرير المذاهب بدأ بإقامة الدليل على ما هو الظاهر عنده ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13711الشيخ أبي الحسن الأشعري ، رحمه الله .
[ ص: 281 ] أما بيان انتفاء التالي فلأن قوله تعالى : وعلم آدم الأسماء كلها يدل على أن الأسماء معلمة من عند الله . وإذا ثبت التعليم في الأسماء ، ثبت في الأفعال والحروف ; إذ لا قائل بالفصل .
ولأن التكلم بالأسماء وحدها متعذر ، فلا بد مع تعليم الأسماء تعليم الأفعال والحروف .
وأيضا الأفعال والحروف أسماء من حيث إنها ترفع المسمى إلى الأذهان ، أو تتمه . والتخصيص بهذا النوع من تصرفات النحاة .
وقد اعترضوا على هذا الدليل بأنه لم لا يجوز أن يكون المراد من قوله تعالى : وعلم آدم الأسماء كلها ، أنه تعالى ألهمه الاحتياج إلى هذه الألفاظ ، وأعطاه من العلوم ما لأجله قدر على الوضع . فيكون المراد من التعليم فعلا يصلح لأن يترتب عليه حصول العلم ، لا إيجاد العلم . فلذلك يقال : علمته فلم يتعلم . ولو كان التعليم إيجاد العلم ، لما صح ذلك الكلام .
ولئن سلمنا أنه ليس المراد الإلهام ، ولكن لم لا يجوز أن يكون اصطلاحات قوم خلقهم الله تعالى قبل خلق آدم ، فعلمه الله سبحانه وتعالى تلك الاصطلاحات السابقة .
أجاب المصنف عن هذين المعنيين بأنه خلاف الظاهر; لأن الأصل في التعليم إيجاد العلم ، لا الإلهام . وكذا الأصل عدم اصطلاح سابق . وإذا كان خلاف الظاهر فلا يصار إليه إلا بدليل .
[ ص: 282 ] واعترضوا أيضا على الدليل المذكور بأن قالوا : المراد من الأسماء في الآية المذكورة ، هي حقائق الأشياء وصفاتها . ويكون معنى الآية أن الله علم آدم حقيقة كل شيء وصفته . مثل أن الخيل حقيقته كذا وأنه يصلح للكر والفر ، والجمل للحمل ، والثور للزرع .
والذي يدل على أنه أراد الحقائق ، لا الألفاظ ، قوله تعالى : ثم عرضهم ؛ لأنه لما كان الضمير راجعا إلى الحقائق ، وفيها ذوو عقول ، اختار ضمير العقلاء تغليبا لهم . فلو كان المراد من الأسماء الألفاظ ، لقال : ثم عرضها .
أجاب المصنف عنه بأن المراد بالأسماء ، الألفاظ ، لا الحقائق . بدليل قوله تعالى : أنبئوني بأسماء هؤلاء . فإنه أضاف الأسماء إلى هؤلاء . فلو كان المراد من الأسماء الحقائق ، لزم إضافة الشيء إلى نفسه .
والضمير في قوله تعالى : ثم عرضهم راجع إلى المسميات . ولا منافاة بين كونه راجعا إلى المسميات ، وبين كون الأسماء ألفاظا .