[ ص: 302 ] وتقريره أن يقال : لو كان حسن الفعل وقبحه لغير نفس الطلب ، من الوجوه والاعتبارات العارضة للفعل بالقياس إلى غيره ، لم يكن تعلق طلب الفعل لنفس الفعل ، بل التعلق لأجل ذلك الاعتبار ; لأن التعلق حينئذ يتوقف على حصول ذلك الاعتبار الزائد على الفعل . والتالي باطل ، فالمقدم مثله .
أما بيان بطلان التالي فلأن التعلق نسبة بين الطلب والفعل ، والنسبة بين الأمرين لا يتوقف إلا على حصولهما . والطلب قديم . فإذا حصل الفعل تعلق الطلب به ، سواء عرض ذلك الاعتبار للفعل أو لم يعرض .
فإن قيل : لا نسلم انتفاء التالي ، وذلك لأن تعلق الطلب وإن لم يتوقف إلا على الطلب والفعل ، لكن نفس الطلب يتوقف على الاعتبار الحاصل للفعل الموجب للحسن أو القبح .
أجيب بأن الطلب ، أعني الأمر والنهي قديم قائم بذات الله تعالى ، كما بين في الكلام . والجهة الموجبة للحسن أو القبح حادثة ، فكيف يصح توقف القديم على الحادث . بل التوقف إما يكون للتعلق على تقدير كون الجهة موجبة للحسن ; لأنه ما لم تكن الجهة الموجبة للحسن ، لم يحصل تعلق الطلب به .
ولقائل أن يقول : لا نسلم أن الطلب يتعلق بالفعل من حيث هو هو ، حتى يلزم أن لا يتوقف التعلق إلا على الطلب والفعل . لم لا يجوز أن يكون الطلب يتعلق بالفعل إذا كان على الجهة الموجبة للحسن .
[ ص: 303 ] فيكون التعلق الذي هو [ نسبة ] يتوقف على الفعل بشرط أن يكون على الجهة المذكورة . فما لم يوجد تلك الجهة لم يحصل تعلق الطلب بالفعل .