ولو سلم - فمعارض باحتمال العقاب على الشكر ; لأنه تصرف في ملك الغير .
أو لأنه كالاستهزاء . كمن شكر ملكا على لقمة ، بل اللقمة بالنسبة إلى الملك أكثر .
ش - هذا جواب إيراد المعتزلة على المقدمة الثانية بأن الشكر لا يجوز أن يكون لفائدة للعبد في الدنيا .
وتوجيه الإيراد أن يقال : لا نسلم أنه لا يجوز أن يكون الشكر لفائدة العبد في الدنيا .
قوله : لأنه لا حظ للنفس في الشكر . قلنا : لا نسلم أن لا حظ للنفس في الشكر . وذلك لأن فائدة الشكر الأمن من احتمال العقاب في ترك الشكر الموجب لخوف النفس ; إذ هذا الاحتمال لازم أن يخطر على قلب العاقل . والأمن من الاحتمال الذي هو موجب للخوف من أعظم الفوائد .
[ ص: 316 ] وتقرير الجواب أن قولهم مردود; لأنا نمنع أن هذا الاحتمال لازم الخطور بالبال حتى يكون الأمن منه فائدة .
فقوله : " قولهم " مبتدأ ، وقوله : " مردود " خبره . ولئن سلم أن هذا الاحتمال لازم الخطور بالبال فمعارض باحتمال العقاب على الشكر بوجهين : أحدهما : أن إقدامه على الشكر تصرف في ملك الغير بغير إذنه ; لأن الإقدام على الشكر إنما هو باستعمال الأعضاء والقوى التي هي كلها ملك الحق تبارك وتعالى ، والتصرف في ملك الغير بغير إذنه ، يحتمل العقاب عليه .
الثاني : أن القيام بالشكر على نعم الله تعالى كالاستهزاء بالمنعم . كمن شكر ملكا على لقمة أنعم الملك عليه في المحافل العظيمة . بل اللقمة بالنسبة إلى خزانة الملك أكثر من [ نعم ] الله تعالى على العبد بالقياس إلى خزائنه تعالى . فلعل الشاكر يستحق العقاب بسبب شكره .