ش - اعلم أن بعض الأصوليين ذكر للحكم تعريفا آخر ، وهو : أنه خطاب الشارع بفائدة شرعية .
فقوله : " خطاب " كالجنس . وبإضافته إلى الشارع خرج خطاب غيره . والفائدة هي ما يكون الشيء به أحسن حالا . وخرج بقوله : " بفائدة شرعية " الخطاب الذي يفيد فائدة عقلية أو حسية ، كالإخبار عن المعقولات أو المحسوسات .
وقد أورد عليه بأنه إن أراد بالفائدة الشرعية متعلق الحكم الشرعي ، لزم الدور ; لأنه حينئذ يتوقف تعريف الحكم الشرعي على متعلق الحكم الشرعي ، ومتعلق الحكم الشرعي يتوقف معرفته على الحكم الشرعي ، فيلزم الدور .
وإن أراد بها الفائدة التي لا تكون عقلية ولا حسية ، يلزم عدم اطراد الحد ; لأن إخبار الشارع عن المغيبات ، مثل قوله تعالى : ( الم غلبت الروم في أدنى الأرض ) . يصدق عليه أنه خطاب الشارع بفائدة غير عقلية ولا حسية . ولا يكون حكما ، فزيد على الحد قيد " تختص به " أي بالخطاب . فخرج عنه الإخبار الشرعي ; لأن المراد من قوله : " تختص به " أنه لا يفهم الفائدة الشرعية إلا من ذلك الخطاب .
[ ص: 330 ] والإخبار الشرعي وإن كان خطابا بفائدة شرعية ، لكن تفهم تلك الفائدة من غير ذلك الإخبار .
وأما الفائدة الشرعية التي هي في الحكم فلا يفهم إلا من الخطاب الذي هو الحكم ; لأن الحكم إنشاء ، فلهذا لا يحتمل الصدق والكذب . وإذا كان إنشاء يكون موجبا لمعناه ، أي الفائدة الشرعية .
فلا شيء خارج للحكم حتى يمكن أن يفهم من غيره ; ضرورة كونه موجبا لمعناه . بخلاف الإخبار الشرعي ; فإن معناه خارج عنه ، لا يكون الإخبار موجبا له ، فيمكن أن يفهم من غيره . هذا ما فهمته من كلامه .