ص - واستدل : لو لم تصح - لما ثبت صلاة مكروهة ، ولا صيام مكروه ; لتضاد الأحكام .
وأجيب بأنه إن اتحد الكون منع ، وإلا لم يفد ; لرجوع النهي إلى وصف منفك .
ش - هذا استدلال على المذهب المختار . تقريره أنه لو لم تصح الصلاة في الدار المغصوبة ، لما ثبت صلاة مكروهة ولا صيام مكروه .
[ ص: 383 ] والتالي باطل; لأن الصلاة في الأمكنة التي نص الشارع على كراهتها فيها ، كمعاطن الإبل والأودية والحمام ، صلاة مكروهة .
وكذا الصوم في يوم الشك صوم مكروه ، فيلزم بطلان المقدم .
بيان الملازمة أنه لو استحال اجتماع التحريم والوجوب ، لاستحال اجتماع الوجوب والكراهة ; لأنه كما يكون التحريم ضدا للوجوب ، تكون الكراهة أيضا ضدا له .
أجاب المصنف عنه بأن الكون ، أي الجهة التي تعلق بها الوجوب ، والكراهة إن اتحد ، منع انتفاء التالي ; لأنا لا نسلم ثبوت صلاة مكروهة تكون جهة وجوبها وكراهتها متحدة ، ولا ثبوت صوم كذلك .
وإلا ، أي وإن يتحد الكون ، أي الجهة المذكورة ، لم يفد الدليل ; لأن النهي في الصلاة المكروهة حينئذ راجع إلى وصف جائز الانفكاك عن الصلاة ، وهو التعرض لنفار الإبل في أعطانها ، ولحظر السيل في بطن الوادي ، ولخوف الرشاش في الحمام .
[ ص: 384 ] والأمر راجع إلى الصلاة مطلقا ، فيجوز تعلق الوجوب والكراهة بهاتين الجهتين المتغايرتين . بخلاف الصلاة في الدار المغصوبة فإن الجهة التي تعلق النهي بها - وهي كونها في الدار المغصوبة - لا تنفك عن الصلاة ، فلم يلزم من ثبوت اجتماع الكراهة والوجوب ثبوت اجتماع الوجوب والحرمة .
قيل : إن جهة الوجوب في الصلاة في الدار المغصوبة ، هي الصلاة المطلقة ، وكونها في الدار المغصوبة وإن كانت غير منفكة عن الصلاة المشخصة لكن جائزة الانفكاك عن الصلاة المطلقة . وحينئذ لا فرق بين جواز اجتماع الوجوب والكراهة في الصلاة المكروهة وبين جواز اجتماع الحرمة والوجوب في الصلاة في الدار المغصوبة .
أجيب بأن الوصف المنهي عنه في الصلاة المكروهة ، وصف منفك عن الصلاة المشخصة ، بخلاف الوصف المنهي عنه في الصلاة في الدار المغصوبة فإنه غير منفك عن الصلاة المشخصة .
وفيه نظر ; لأن الفرق من هذه الجهة غير مفيد ; لأن متعلق الوجوب في الصلاة في الدار المغصوبة هو الصلاة المطلقة ، لا المشخصة .