واختار المصنف أنه ليس بجنس للواجب ، بل للواجب والمباح نوعان مندرجان تحت جنس ، وهو فعل المكلف الذي تعلق به الحكم الشرعي . وتسميته بالحكم مجاز .
[ ص: 404 ] ودليله أنه لو كان المباح جنسا للواجب لاستلزم النوع أعني الواجب التخيير بين فعله وتركه . والتالي ظاهر الفساد فالمقدم مثله .
بيان الملازمة أن المباح مستلزم للتخيير ، وإذا كان الجنس مستلزما لشيء يكون النوع مستلزما له ، فيكون الواجب مستلزما للتخيير .
القائلون بكون المباح جنسا للواجب ، قالوا : المباح والواجب مأذون فيهما ، واختص الواجب بفصل المنع من الترك . فالمأذون [ الذي ] هو حقيقة المباح مشترك بين الواجب وغيره ، فيكون جنسا له .
أجاب المصنف عنه بأنكم تركتم فصل المباح ; لأن المباح ليس هو المأذون فقط ، بل المأذون مع عدم المنع من الترك . والمأذون المقيد بهذا القيد لا يكون مشتركا بين الواجب وغيره ، بل يكون مباينا للواجب .
والحق أن النزاع لفظي . وذلك لأنه إن أريد بالمباح : المأذون فقط ، فلا شك أنه مشترك بين الواجب وغيره ، فيكون جنسا . وإن أريد به المأذون مع عدم المنع من الترك ، فلا شك أنه يكون نوعا مباينا للواجب ، فلم يكن جنسا له .