والسبب في اللغة : كل شيء يتوصل به إلى غيره . ومنه سمي الحبل : السبب .
وفي الشرع : هو الوصف الظاهر المنضبط الذي دل الدليل السمعي على كونه معرفا للحكم الشرعي لا مؤثرا فيه . فإن الأحكام قديمة ، والأوصاف التي جعلت أسبابا ، حادثة ، والحادث لا يؤثر في القديم .
وإنما اشترط في السبب كونه ظاهرا منضبطا ; لأن الأسباب إنما وضعت معرفات للأحكام لسهولة اطلاع المكلفين على أحكام الوقائع [ ص: 406 ] المتعين عليهم معرفتها ، خصوصا بعد انقطاع الوحي ، فيجب أن تكون تلك الأسباب ظاهرة منضبطة حتى يحصل الغرض المذكور .
والمعنوي : هو ما يستلزم حكمة باعثة في تعريفه للحكم الشرعي ، كالإسكار جعل علة للتحريم . والملك فإنه جعل سببا لإباحة الانتفاع . والضمان فإنه جعل سببا لمطالبة الضامن بالدين . والعقوبات فإنه جعل سببا لوجوب القصاص أو الدية .
[ ص: 407 ] فإن سبب وجوب الزكاة تحقق النصاب وحكمته سد خلة الفقراء . وحكمة المانع للسبب تخل بحكمة السبب . الثالث : الحكم على الوصف بالشرطية . قد ذكرنا أن الوصف المانع للحكم هو المستلزم وجوده لحكمة تقتضي نقيض الحكم . والوصف المانع لسبب الحكم هو المستلزم وجوده لحكمة تقتضي اختلال حكمة السبب . فإن كان الوصف يستلزم عدمه حكمة تقتضي نقيض الحكم ، يسمى شرط الحكم . وإن كان الوصف يستلزم عدمه حكمة تقتضي اختلال حكمة سبب الحكم ، يسمى شرط السبب .
مثال شرط السبب : القدرة على التسليم ; فإن ثبوت الملك حكم ، وصحة البيع سببه ، وإباحة الانتفاع حكمة صحة البيع ، والقدرة على التسليم شرط صحة البيع ; لأن عدم القدرة على التسليم يستلزم عدم القدرة على الانتفاع الموجب لاختلال إباحة الانتفاع .
مثال شرط الحكم : الطهارة في باب الصلاة ; فإن حصول الثواب ودفع العقاب حكم ، والصلاة سببه ، وحكمة الصلاة التوجه إلى جناب الحق ، والطهارة شرط الصلاة ; فإن عدم الطهارة يستلزم ما يقتضي نقيض الحكم ، أعني عدم حصول الثواب وعدم دفع العقاب مع بقاء حكمة الصلاة .