ص - المخالف : لو لم يصح - لم يقع ; لأن العاصي مأمور ، وقد علم الله تعالى أنه لا يقع . وأخبر أنه لا يؤمن .
وكذلك من علم بموته ، ومن نسخ عنه قبل تمكنه . ولأن المكلف لا قدرة له إلا حال الفعل ، وهو حينئذ غير مكلف فقد كلف غير مستطيع .
ولأن الأفعال مخلوقة لله تعالى . ومن هذين نسب تكليف المحال إلى الأشعري .
ش - قال المخالف : لو لم يصح التكليف بالمحال لم يقع . والتالي باطل فالمقدم مثله .
بيان الملازمة أن وقوع الشيء فرع إمكانه ، فكل ما لا يكون ممكنا ، لا يكون واقعا .
[ ص: 418 ] بيان انتفاء التالي من وجوه : منها أن العاصي بترك الفعل مأمور بالإتيان به ، وإلا لم يكن عاصيا بتركه . والإتيان به محال ; لأنه تعالى يعلم عدم وقوعه . وكل ما علم الله تعالى عدم وقوعه ، يمتنع وقوعه ، وإلا لزم جهله ، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا .
فيكون ما يتركه العاصي ممتنع الوقوع ، وهو مكلف به . فيكون التكليف بالمحال واقعا .
ومنها : أن المكلف لا قدرة له على الفعل إلا حال صدور الفعل منه ; إذ لو وجدت القدرة قبل الفعل لكان لها متعلق موجود ; لاستحالة [ ص: 419 ] أن يكون المعدوم مقدورا . وإذا كانت القدرة مع صدور الفعل يكون الفعل قبل صدوره ممتنعا ; ضرورة عدم قدرته عليه . والتكليف بالفعل لا يكون حالة صدور الفعل لاستحالة التكليف بإيجاد الموجود ، فيكون التكليف بالفعل قبل صدوره من المكلف ، ويكون قبل صدوره من المكلف غير مستطيع ، فيكون التكليف به [ تكليفا ] بالمستحيل .
ولأنه لو كانت مخلوقة للعبد لكان العبد خالقها ، إما بالطبع ، وهو باطل بالإجماع ، أو بالاختيار فيكون عالما بتفاصيل الحركات والسكنات الصادرة منه ; لأنه لا بد وأن يكون مريدا لتفاصيل ما صدر عنه من الحركات والسكنات ، وإلا لم يكن صدور الحركات والسكنات بالاختيار . ويلزم من كونه مريدا لها أن يكون عالما بتفاصيلها ، وليس كذلك ، فلا تكون مخلوقة له ، فتكون مخلوقة لله تعالى . فيكون [ تكليف ] العبد بها تكليفا بما لا قدرة له عليه ; لامتناع وقوع ما وقع بقدرة الله تعالى بقدرة الغير .
[ ص: 420 ] وذهب الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=13711أبو الحسن الأشعري رحمه الله إلى أن لا قدرة للفاعل على الفعل إلا حال إيجاد الفعل ، وأن أفعال العبد مخلوقة لله تعالى . ومن هذين نسب التكليف بالمحال إليه ; لأنه يلزم من القول بواحد منهما ، التكليف بالمحال ، فضلا عن القول بهما .