فذهب جمهور المحققين إلى أن شرط المكلف أن يكون عاقلا يفهم الخطاب . ووافقهم بعض من جوز التكليف بالمحال ، بناء على أن فائدة التكليف : الابتلاء ، وهو لا يتصور في تكليف من لم يفهم الخطاب .
لأنه إنما يتصور التهيؤ للامتثال إذا فهم المبتلى الخطاب . بخلاف التكليف بالمحال ، فإنه يتصور فيه التهيؤ للامتثال وإن لم يمكن الامتثال ، فتحصل فائدة التكليف التي هي الابتلاء .
وذكر المصنف دليلين على أن التكليف لا يصح بدون الفهم . أحدهما : أنه لو صح التكليف بدون فهم المكلف الخطاب ، لكان المكلف به مستدعى حصوله في المكلف طاعة ، أي على وجه الامتثال . والتالي باطل فالمقدم مثله .
[ ص: 436 ] أما الملازمة فلما تقدم من [ أن ] التكليف طلب . والطلب يستدعي الحصول . وأما انتفاء التالي فلأن حصول المكلف به على وجه الامتثال مشروط بالقصد إلى الامتثال ، والقصد إلى الامتثال إنما يتصور بعد الفهم . وكل خطاب متضمن للأمر بالفهم . فمن لم يفهم كيف يقال له : افهم .
الثاني أنه لو صح تكليف من لم يفهم الخطاب ، يصح تكليف البهيمة ; لأن الذي لم يفهم الخطاب والبهيمة متساويان في عدم الفهم . والتالي باطل قطعا فالمقدم مثله .