وليس المراد من قولهم : يجوز أن يتعلق الأمر بالمعدوم ، أن المعدوم يجوز أن يكون مأمورا بالإتيان بالمأمور به حال كونه معدوما ; فإن المجنون والصبي عندهم غير مأمورين ، وهما أقرب إلى درجة المأمورين من المعدوم . بل المراد التعلق المعنوي ، وهو تعلق الطلب القائم بذات الله تعالى بالمعدوم الذي هو ثابت في علمه تعالى في الأزل ، بمعنى أنه إذا وجد واستعد لفهم الخطاب يكون مكلفا بذلك الطلب القديم من غير تجدد الطلب .
والدليل على ذلك أنه لو لم يتعلق الأمر بالمعدوم بالمعنى المذكور ، لم يكن الأمر أزليا . والتالي باطل فالمقدم مثله .
[ ص: 440 ] بيان الملازمة أن التعلق بالغير جزء من حقيقة الأمر . فإذا لم يجز التعلق بالمعدوم ، لم يكن التعلق حاصلا في الأزل ; ضرورة كون المكلف معدوما في الأزل . وإذا لم يكن التعلق حاصلا ، لم يكن الأمر حاصلا في الأزل ; ضرورة انتفاء الكل عند انتفاء الجزء ، فلا يكون الأمر أزليا .
وأما بيان انتفاء التالي فلما بين في الكلام من أن خطاب الله تعالى قديم .
فقوله " لأن من حقيقته التعلق " إشارة إلى بيان الملازمة . وقوله : " وهو أزلي " إشارة إلى نفي التالي .